كان الصمت البادي على الطرق والأشجار يهب الحديقة حياة غريبة أثناء الليل. شعرت بالسعادة عندما دخلت إليها كمن يمشي على مهل باستمتاع في حديقة هي ملكه. ظلت البحيرة تترقَّب منتظرة، فجلست تتأملها. عندما بدأ النعاس يغشاها اضطجعت على العشب. شعرت عند إغلاق عينيها بأن الأرض تتنفس تحت جسدها، وأن ثمة قوة ما غير محسوسة في البداية ولكنها تزيد ...
قراءة الكل
كان الصمت البادي على الطرق والأشجار يهب الحديقة حياة غريبة أثناء الليل. شعرت بالسعادة عندما دخلت إليها كمن يمشي على مهل باستمتاع في حديقة هي ملكه. ظلت البحيرة تترقَّب منتظرة، فجلست تتأملها. عندما بدأ النعاس يغشاها اضطجعت على العشب. شعرت عند إغلاق عينيها بأن الأرض تتنفس تحت جسدها، وأن ثمة قوة ما غير محسوسة في البداية ولكنها تزيد مع كل لحظة لتسحبها إلى الأسفل، تتشربها أولاً، ثم ترفعها فوق الهواء، طافية وكأنها بلا جسد. مررت يدها على العشب دون أن تفتح عينيها، ثم قبضتها بقوة لكي لا تفقد ذلك الإحساس الرائع؛ كانت وكأنها ممتطية صهوة حصان هائل الحجم والقوة، أو كأنها تمسك بشعر وحشٍ يجرُّها بسرعة مذهلة. أخذت تضحك. بدا وكأن تلك السعادة عبرت الأرض من أقصاها لأقصاها وجاءت لتنفجر مباشرة في صدرها. شعرت بعينيها تحرقانها من كثرة الدموع. صرخت. صرخت فقط لكي لا تنفجر من السعادة. استسلمت مبتسمة فيما بعد للغيبوبة، أو النوم. توقف العالم وأصبح منطقياً لعدة لحظات، كعذراء تخجل من حلم ما. كان اليوم هو الثاني من سبتمبر.كان الحد الفاصل بين سارا القديمة وسارا الجديدة، التي ستولد بداية من تلك اللحظة، كشعرة في غاية الرفع.كان يبدو وكأنه لم يكن هناك أي تغيير فعلاً، وكأن كل شيء توقف للحظة ثم تابعت ما كانت عليه دون تغيير، كرد فعل غريب يصدر من شخص تعرفه تمام المعرفة، ولكن بعد تأمله، تصبح ردة فعله أمراً طبيعياً وتتخلى عن غرابتها. السيطرة كانت تغييراً، والتغيير كان سيطرة، وكلاهما كانا فراغاً من صور لا تفضي إلى أي مكان. واللا شيء كان مرغوباً. وفي اللا شيء كل شيء يمكن أن يكون مكشوفاً دون تفسيرات.