الشاعر إبراهيم نصر الله أحد الشعراء العرب الذين يتميزون بتجربة شعرية شديدة الخصوصية، فهو لا يشبه أي شاعر آخر، وقصيدته ذات تميز أسلوبي وتركيبي وبنائي يختلف بها عمن سبقوه وعمن جايلوه من شعراء العربية المعاصرين، ويبدو لنا أن الشاعر وعى هذه القضية مبكراً، ومن ثم اشتغل عليها بعناية وأناقة معمقاً تميزه ومغايرته لصالح تطوير بنية قصيدته...
قراءة الكل
الشاعر إبراهيم نصر الله أحد الشعراء العرب الذين يتميزون بتجربة شعرية شديدة الخصوصية، فهو لا يشبه أي شاعر آخر، وقصيدته ذات تميز أسلوبي وتركيبي وبنائي يختلف بها عمن سبقوه وعمن جايلوه من شعراء العربية المعاصرين، ويبدو لنا أن الشاعر وعى هذه القضية مبكراً، ومن ثم اشتغل عليها بعناية وأناقة معمقاً تميزه ومغايرته لصالح تطوير بنية قصيدته من الداخل، على النحو الذي خلق لها ملامح أسلوبية وفضائية فريدة اختلفت بلغتها ونكهتها وحساسيتها.ولعل تجربته الروائية الموازنة لتجربته الشعرية تمثل عتبة مهمة من العتبات التي تدعم جدل العلاقة بين التجربتين إذ تضيف التجربة الروائية الكثير من المعطيات الفنية والجمالية والمزاجية للتجربة الشعرية، كما تفعل التجربة الشعرية الفعل ذاته في التجربة الروائية، وهذه ميزة استثنائية عند الشاعر.وتجتهد قراءتنا التي قدمنا بها للمنتخبات الشعرية التي طالت مجموعاته الشعرية كلها، في إظهار ما يمكن إظهاره من تميز واستثنائية وفرادة يمكن أن تذهب بنا إلى وضع تشكيل توصيفي لقصيدته يمكن أن نصطلح عليه بـ (القصيدة النصراوية) -نسبة إلى نصر الله- في السبيل إلى تأسيس متن شعري خاص ينضاف إلى المتون الأصيلة –النادرة- في الشعرية العربية الحديثة.تدخلت قراءتنا في (القصيدة النصراوية) عبر مقاربة (المزاج الشعري) الذي يتمظهر بين (نكهة الحضارة وطعم الحقيقة)، لتراقب (طائر الضوء) وهو ينثر غباره الشعري على ألأماكن والأزمنة والرؤى والأرواح والأجساد، باثاً في كل منعطف حيوي منها قبساً من روحه ومستلهماً منها بعثة الدائم في ربيع تموزي لا يمل الولادة.واقترحت قراءتنا في مقاربة أخرى مصطلحي (القصيدة المركزة) و(القصيدة الشاملة) بديلاً لمصطلحي (القصيدة القصيرة) و(القصيدة الطويلة) الشائعين في دراساتنا النقدية، لمات للمصطلحين البديلين من كفاءة ومرونة وقابلية وحيوية على استيعاب جوهر هذين الشكلين الشعريين، بعيداً عن هشاشة المعيار الكمي في الطول والقصر الذي ينطوي على مشاكل كثيرة لا تتلاءم كثيراً مع حساسية الفن الشعري.كما ذهبت قراءتنا إلى معاينة القصيدة الأنوية في المنطقة البالغة العمق والغموض والحساسية بين صدى الذاكرة ونداء الريا، لاستظهار حالات الأنا الشاعرة في انتمائها إلى خصوصية ذاتها الضامة والمستوعبة والحاضنة، حيث تعمل في أكثر مساحات القصيدة سخونة بوصفها موشورا يعكس الرؤى والألوان والمواقف والقضايا والخيالات بسبل شتى وطرائق مختلفة.