“القاتل الصامت، أو المفسد الصالح.وجهان لعملة واحدة؛ اسمها: الغيرة.ربما وسمت الغيرة بحقيقتها، وألصقت الغيب بالمشاهدة عندما أتحدث عنها.فالغيرة فطرة، مبدؤها فكرة، مثل جرثومة المرض؛ فهي تلتهم العواطف وتحرقها، وتذهب بالنوم والراحة، والعقل، وتعرض لقالة السوء في غير حالات الريبة، وتفسد ما بين المحبين.وجراثيم الغيرة كثيرة: كالشك، وسوء ا...
قراءة الكل
“القاتل الصامت، أو المفسد الصالح.وجهان لعملة واحدة؛ اسمها: الغيرة.ربما وسمت الغيرة بحقيقتها، وألصقت الغيب بالمشاهدة عندما أتحدث عنها.فالغيرة فطرة، مبدؤها فكرة، مثل جرثومة المرض؛ فهي تلتهم العواطف وتحرقها، وتذهب بالنوم والراحة، والعقل، وتعرض لقالة السوء في غير حالات الريبة، وتفسد ما بين المحبين.وجراثيم الغيرة كثيرة: كالشك، وسوء الظن، ونقص الثقة، وفتور العلاقة، والانشغال عن الزوجة، وكثرة الإعجاب بالآخرين.والغيرة المحمودة شعور نبيل، وبلسم شافٍ لكثير من جوانب القصور لدى المرأة، إن استطاعت أن ترضي شريكها.وربما ألهبت العاطفة، وتطاير الشرر، وتصاعد الدخان؛ فانعدمت الرؤيا وساد الضباب، وانطلق القلب وراء السراب، يطلب ماءً يطفئه أو نوراً يبصِّره.حقيقة.. لن يجد الماء ماءً، ولن يجد النور نوراً..لن يجد الماء إلا نفطاً يحرقه أو بحراً يغرقه، ولن يجد النور إلا ناراً تلهبه، وتترك بقايا ورفات حبه رماداً يبكي عليه، ويغرس في وسائده نبات أثل، يرهب نومه، ويهدم عشه.وهكذا.. تسير حياة من أسلم قلبه لظنه وشكه، وكان عقله عبداً لقلبه، وامتطى جواد هواه يركض خلف سرابٍ بقيعة.هل تصنع الغيرة هذا؟!هل تصل بنا إلى هذا الحد؟!