لست أروم من وراء هذا الكتاب تدبيج فصول في تاريخ الفن، كي تنضاف إلى أكداس الأضابير العتيقة التي تعج بها المكتبة العربية في هذا التخصص، ولست أريد أن أبث من خلاله معلومات وتواريخ ومصطلحات جامدة. إنما هو -وببساطة مطلقة- كتاب يبحث في جوانب غير مطروقة ولا معتادة في مجال الثقافة البصرية، على الأقل بالمفهوم الذي تعيها من خلاله العقلية...
قراءة الكل
لست أروم من وراء هذا الكتاب تدبيج فصول في تاريخ الفن، كي تنضاف إلى أكداس الأضابير العتيقة التي تعج بها المكتبة العربية في هذا التخصص، ولست أريد أن أبث من خلاله معلومات وتواريخ ومصطلحات جامدة. إنما هو -وببساطة مطلقة- كتاب يبحث في جوانب غير مطروقة ولا معتادة في مجال الثقافة البصرية، على الأقل بالمفهوم الذي تعيها من خلاله العقلية العربية، والتي ما زالت أسيرة محنتها التي لم تنقض بعد، وما زال الجميع متعثرين بمقتضاها في اشتباكات الجدل الدائر بين أنصار القديم الرافعين عقيرتهم بمقولات "الأصالة" و"الهوية"، ومتلقفو كل وافد مستحدث من (الفابريقة) الغربية الذين احترفوا التبشير بالجديد لمحض كونه جديدا، رافعين في المقابل على أسنة رماحهم رايات الانصياع لمقولات "الآخر" المتفوق، انحناءا منهم لحتمية "المعاصرة" والثقافة الكوكبية.
وأريد أن ألفت قارئ هذا الكتاب إلى أن هناك من الأسرار المطوية في سير رواد الفن العالمي وفي ثنايا أعمالهم ما هو جدير بكسر الصورة النمطية التي استقرت في أذهاننا عنهم، وإلى أن هناك العديد من الرسائل المشفرة التي بثها هؤلاء الرواد في أعمالهم، بقصدية محسوبة وبدهاء يحسدون عليه وفقا لنظم خاصة، وهي تنتظر من يتناولها بالتحليل والدراسة، عله أن يستكمل الأجزاء المفقودة من الصورة الغائمة، فعسى أن يكون كتابي هذا مفتتحا لضرب جديد من الدراسات الفنية الكاسرة للسياق التقليدي، وعساه أن يشجع على تجاوز النمطية وتحرير العقل التحليلي في الساحة الفنية العربية، والله من وراء القصد.