ذا كانت المتعة والإعجاب هما ما دفعاني إلى نقل بعض قصائد ريتسوس إلى العربية، فإن هناك سبباً آخر أكثر أهمية يكمن وراء هذه المحاولة. فقد أثر ريتسوس تأثيراً عميقاً في قصائد الجيل الجديد من الشعراء العرب، خصوصاً الجيل الذي اصطلح على تسميته بـ "شعراء السبعينات". وتسرب هذا التأثير من خلال الترجمات بالأساس، ترجمة سعدي يوسف الأولى لمختار...
قراءة الكل
ذا كانت المتعة والإعجاب هما ما دفعاني إلى نقل بعض قصائد ريتسوس إلى العربية، فإن هناك سبباً آخر أكثر أهمية يكمن وراء هذه المحاولة. فقد أثر ريتسوس تأثيراً عميقاً في قصائد الجيل الجديد من الشعراء العرب، خصوصاً الجيل الذي اصطلح على تسميته بـ "شعراء السبعينات". وتسرب هذا التأثير من خلال الترجمات بالأساس، ترجمة سعدي يوسف الأولى لمختارات من قصائده البرقية القصيرة، ومن خلال قراءة عدد من الشعراء العرب شعر ريتسوس مترجماً إلى اللغات الأخرى (الفرنسية والإنجليزية)، وذلك بعد أن جرى التنبه إلى هذا الشاعر الذي يحفل شعره بالتفاصيل اليومية المصعدة إلى حافة الأسطوري. وقد كانت أرض الشعر العربي خلال أواخر السبعينيات مهيأة لمثل هذا التأثير بسب الإرهاق الذي وصلت إليه القصيدة العربية في الستينات وأوائل السبعينات جراء النبرة العالية والإيقاع الصاخب وإهمال التفاصيل لصالح الموضوعات الكبرى. ويهيئ شعر ريتسوس لهذا المناخ الذي يسعى إلى العودة بالقصيدة إلى أجوائها الحميمة، من العناية بالتفاصيل إلى تصعيد العادي واليومي إلى مرتبة الأسطورة، ومن هنا تصاعد تأثير القصيدة الريتسوسية خلال السنوات الأخيرة، وكثافة الترجمات التي تنقل شعر الشاعر اليوناني إلى العربية، والعودة مراراً إلى ترجمة القصائد نفسها بصيغ ونكهات مختلفة، هي أمور متوقعة استناداً إلى هذه الخلفية.