يمثل هذا الكتاب مقدمة حقيقية لـ"أنثروبولوجيا الإسلام" لمحمد أركون. وهي مقدمة كانت تنقصنا بشكل موجع حتى الآن، فهذا الكتاب الأخير يقدم لنا مختلف المفاهيم الفكرية التي بلورها، كما ويكشف لنا عن مختلف الأبحاث الكبرى التي تغذى منها واستفاد. وعلاوة على إضاءات غير معروفة عن سيرته الذاتية، فإن الكتاب يشتمل أيضاً على حدوسات معرفية خاطفة و...
قراءة الكل
يمثل هذا الكتاب مقدمة حقيقية لـ"أنثروبولوجيا الإسلام" لمحمد أركون. وهي مقدمة كانت تنقصنا بشكل موجع حتى الآن، فهذا الكتاب الأخير يقدم لنا مختلف المفاهيم الفكرية التي بلورها، كما ويكشف لنا عن مختلف الأبحاث الكبرى التي تغذى منها واستفاد. وعلاوة على إضاءات غير معروفة عن سيرته الذاتية، فإن الكتاب يشتمل أيضاً على حدوسات معرفية خاطفة وساطعة ويتيح لفكر محمد أركون أن يظل حياً وأن يستمر في الإشعاع.
كان محمد أركون فيلسوفاً ومؤرخاً للفكر الإسلامي، وكان أيضاً الأب المؤسس لعلم الإلامات التطبيقية، ولكنه كان أولاً وقبل كل شيء أحد أكبر جهابذة المختصين بالدراسات الإسلامية المعاصرة. وهذا الوريث الشرعي للنزعة الإنسانية العربية في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي لم يركض قط وراء الأضواء ووسائل الإعلام كما يفعل الكثيرون. ولم يبحث قط عن النجاح السريع في المكتبات، ولم يتملق الكبار ولم ينحن أمامهم.
ما كان يقوله عن الإسلام المعاصر لم يكن يروق قط للسلطات القائمة في العالمين العربي والإسلامي، ولكنه لم يكن يروق أيضاً لدعاة الإسلاموفوبيا في الغرب، لقد كان يزعج على كلتا الجهتين.
أهمية هذا الكتاب "التشكيل البشري للإسلام" تكمن في كونه يقربنا كثيرا من الظروف والمحيط الاجتماعي والتاريخي الذي نشأ وترعرع فيه محمد أركون أحد كبار المفكرين في العالم الإسلامي؛ وذلك من خلال الحفر في "الذاكرة" التي تخص مؤلف الكتاب بالعودة إلى زمن الطفولة، والقرية والقبيلة، والأهل والأسرة الصغيرة منها والممتدة، والمدرسة وجو الدراسة والأساتذة، وأعراف المجتمع وتصوراته... ومدى طبيعة تأثير كل ذلك في التشكل النفسي والعقلي والوجداني على المؤلف. يروي محمد أركون قصة المعركة المزدوجة لحياته كلها، وذلك لكونه خاض المعركة على جهتين اثنتين لا جهة واحدة؛ جهة نقد العقل الإسلامي؛ وجهة نقد العقل الغربي. وذلك من خلال المقابلات التي أجراها معه كل من رشيد بن الزين وجان لوي شليجيل، وقد تكلف الأستاذ هاشم صالح بنقل هذا العمل إلى العربية وحظي هذا العمل بتقديم المفكر الفرنسي إدغار موران. كتاب "التشكيل البشري للإسلام" من الحجم الكبير يتكون من 256 صفحة، ومن أحد عشر فصلا.