يحاول بعض أدعياء العلم (بهدف سلبي أو إيجابي) إلغاء صلة الوصل بين الإنسان والخالق وعزل الإنسان في هذه الحياة وحيداً مع ظروفه ومشاكله، منطلقين من مبدأ السببية، قائلين بالتناقض بين هذا المبدأ الواضح واليقيني وبين الربوبية بمعنى تدخل الرب المدبر في حياتنا اليومية، هاربين بذلك من الإلحاد المرفوض عقلاً إلى الشرك، وعزل العبد ليرضى بما ...
قراءة الكل
يحاول بعض أدعياء العلم (بهدف سلبي أو إيجابي) إلغاء صلة الوصل بين الإنسان والخالق وعزل الإنسان في هذه الحياة وحيداً مع ظروفه ومشاكله، منطلقين من مبدأ السببية، قائلين بالتناقض بين هذا المبدأ الواضح واليقيني وبين الربوبية بمعنى تدخل الرب المدبر في حياتنا اليومية، هاربين بذلك من الإلحاد المرفوض عقلاً إلى الشرك، وعزل العبد ليرضى بما يحيط به من ظلم اجتماعي ومن تعاسة ضحية كما قال البعض.وفي سعي من الباحث لكشف زيف هذا القول ولإثبات عدم التناقض بل إثبات التلازم بين السببية والربوبية، ولوصل ما سعى أولئك لقطعه ولفتح باب السعادة والعدل الذي سعوا للإغلاقه جاء هذا البحث لبيان موقع الربوبية بين العلم والدين وفيه اعتمد على ميدان من ميادين العلوم الحديثة هو علم التحكم بالنظم في تحليل لنظام الكون ثم حاول قراءة النتائج من زاوية الدين في محاولة لفهم الرأي الديني في هذا الأمر.وهذا الأمر اضطر الباحث الأخذ بموقف موضوعي من حجم العلم ومن موقعه بين المعارف ومن ما يقال عن يقينيته وواقعيته التي أذهلت العقول المعاصرة ومن تفاعله مع الأخلاق والدين في الفصل الأول من الكتاب المؤلف من ثلاثة فصول. ثم عمد في الفصل الثاني لشرح أسلوب ومنهج وأدوات ولغة علم التحكم بداية، وذلك قبل تحليل النظام الكوني فيه والإجابة على مجموعة أسئلة ترتبط بالاختيار الإنساني وبالحتمية في النظام الكوني وبالاتصال المباشر من المخلوق إلى الخالق ودوره في حياة المخلوق، وبكمال النظام الكوني، ثم قام في الفصل الثالث بعقد مقارنة بين النتائج التي توصل إليها في الفصل الثاني مع آراء بعض الحكماء الإلهيين ومع ما حملته الرسالة في محاولة لاستنباط شيء أو مفهوم جديد منها.ولكن يبقى أن هدف هذا الكتاب هو إدخال منهج علم التحكم الذي يعتمد بشكل واسع على علم الرياضيات في تحليل هذه المسائل العقائدية والفلسفية بالاعتماد على الأسلوب الفلسفي الذي ينطلق من التساؤل ويسعى للوصول إلى نتيجة وبالاعتماد على الموضوعية في عدم تحديد النتيجة، قبل طرح السؤال، واعتماد التسلسل المنهجي في الوصول إلى الإجابة. والكتاب هو السابع في سلسلة عالم الفلسفة والعرفان.