الثقافة هي المحتوى الفكري والفني للحضارة، وهي المحيط أو المناخ الذي تترعرع فيه أنشطة الجماعة في الروح والفكر والعلم والعادات والتقاليد والفنون. ومن الحقائق الثابتة في الاجتماع الإنساني أن لكل أمة حضارتها ذات المحتوى الثقافي الخاص بناءً على تاريخ طويل كوّن ملامح ذلك المحتوى وغذاه بالتجارب والإبداعات، وخضع لعوامل شتى من العقائد وا...
قراءة الكل
الثقافة هي المحتوى الفكري والفني للحضارة، وهي المحيط أو المناخ الذي تترعرع فيه أنشطة الجماعة في الروح والفكر والعلم والعادات والتقاليد والفنون. ومن الحقائق الثابتة في الاجتماع الإنساني أن لكل أمة حضارتها ذات المحتوى الثقافي الخاص بناءً على تاريخ طويل كوّن ملامح ذلك المحتوى وغذاه بالتجارب والإبداعات، وخضع لعوامل شتى من العقائد والأديان والمواصفات الاجتماعية، فضلاً عن ظروف البيئة وخصائص الأجناس البشرية، وضغوط الطبيعة وسماتها. ولكن طارئاً طرأ على هذه المفاهيم الثابتة منذ أن ابتلت قارات الأرض بطموحات الإنسان الأوروبي الحديث الذي أراد أن يستحوذ على خيرات الأرض، ويستعبد سكانها، وأن يمسح ثقافات الشعوب كلها، باسم التحضير والتنوير ومهمة الرجل الأبيض القيادية. وكان العالم الإسلامي أول ضحايا هذا التوجه، وكانت ثقافته أول ما أصيبت حيث أريد لها أن تتخلى عن خصوصياتها وملامحها وثوابتها، وأن تلبس القناع الأوروبي، وتصبح أوروبية الوجه واليد واللسان.حول هذا الموضوع يدور البحث في هذا الكتاب مبرزاً في الباب الأول منه نتائج هذا التقريب ومبيناً في صفحات الباب الثاني بدايات التأصيل الثقافي من خلال محاولات الرواد من المجاهدين في ميدان الثقافة ومن تبعهم بإحسان من علماء ومثقفين وشباب كانت لهم سحنات وجوههم الطبيعية، كما كانت لهم سماتهم الشخصية والثقافية التي إلا أن تعبر عن ذاتها، ولا تكون صدى للآخر.. في ملامحه الثقافية والحضارية.