الاستصحاب في اللغة: طلب المصاحبة أو استمرار المصاحبة. وفي الاصطلاح الحكم ببقاء أمر من الزمن الحاضر بناء على ثبوته في الزمن الماضي ولم يظن عدمه حتى يقوم الدليل على تغييره. أو هو استدامة إثبات ما كان ثابتاً أو نفي ما كان منفياً. ومعنى ذلك أنه ثبت حكم في الماضي ولم يطرأ ما ينفيه فيحكم ببقائه في الحال بناء على ذلك الثبوت السابق، وكذ...
قراءة الكل
الاستصحاب في اللغة: طلب المصاحبة أو استمرار المصاحبة. وفي الاصطلاح الحكم ببقاء أمر من الزمن الحاضر بناء على ثبوته في الزمن الماضي ولم يظن عدمه حتى يقوم الدليل على تغييره. أو هو استدامة إثبات ما كان ثابتاً أو نفي ما كان منفياً. ومعنى ذلك أنه ثبت حكم في الماضي ولم يطرأ ما ينفيه فيحكم ببقائه في الحال بناء على ذلك الثبوت السابق، وكذل إذا ثبت نفي شيء في زمن مضى ولم يطرأ ما يثبته فيحكم باستمرار نفيه في الحال بناء على وضعه الأول. فكل ما علم وجوده وحصل الشك في عدمه يحكم ببقائه استصحاباً لذلك الوجود السابق حتى يقوم دليل يغير ذلك، فمن ادعى على آخر ديناً وأنكر المدعى عليه فإنه يحكم ببراءة ذمة المدعى عليه، لأن الأصل براءة الذمة حتى يثبت المدعي دعواه بالبينة.وكل ما علم عدمه وحصل الشك في وجوده فإنه يُحكم بعدمه استصحاباً لذلك العدم السابق حتى يقوم دليل على وجوده. فمن اشترى شيئاً على أنه سليم من العيوب ثم ادعى وجود عيب في المبيع وأراد رده بهذا العيب واختلف مع البائع في وجود العيب عند البائع أو حدوثه عند المشتري فالقول قول البائع النافي للعيب، لأن الأصل السلامة حتى يثبت المشتري دعواه بالبينة. فالاستصحاب لا يثبت حكماً جديداً كغيه من الأدلة ولكنه يفيد استدامة الحكم السابق الثابت بدليلهن وذلك كان آخر الأدلة التي يلجأ إليها المجتهد، أو كما يقول الخوارزمي في الكافي: هو آخر مدار الفتوى: فإن المفتي إذا سئل عن حادثة يطلب حكمها في الكتاب ثم في السنة ثم في الإجماع ثم في القياس، فإن لم يجده أخذ حكمها في استصحاب الحال في النفي والإثبات، فإن كان التردد في زواله فالأصل بقاؤه، وإن كان التردد في ثبوته، فالأصل عدم ثبوته.فمن قصر الأدلة على الكتاب والسنة والإجماع يعمل بالاستصحاب في كل ما لم يجد فيه نصاً ولا إجماعاً فتكون دائرته عندهم أوسع من غيرهم. ومن يعمل بالمصلح أو العرق تضيق دائرته عنده عن الفريق السابق. ومن يعمل بالمصلحة أو العرق تضيق دائرته عنده عن هؤلاء وهؤلاء، والاستصحاب أنواع ليست كلها موضع اختلاف بين العلماء، بل فيه ما هو متفق عليه، ومنه ما هو مختلف فيه، كما أنهم مختلفون في عدّ هذه الأقسام بل وفي أسمائها. وفي هذا الكتاب يتناول السيد صادق الشيرازي الاستصحاب كأصل من أصول الفقه مبيناً معناه اللغوي والاصطلاحي وأشكاله ومسائله وإشكالاته وكل متعلقاته.