هذا لون من الشعر زهدي ثوري جامح، يكبر الإنسان الخارجي إكباراً شديداً، لأن كل إنسان ذهب في سبيل العقيدة يعد شهيداً، فهو المثل الأعلى في نظر أصحابه بعد استشهاده، وهو الذي يستحق الرثاء والبكاء، مثلما أن الجماعة الخارجية هي العصبية المثالية التي تمثل الحق فهي إذن تستحق المدح والثناء، ومن ثم كان موضوع هذا الشعر هو الإنسان-الإنسان الخ...
قراءة الكل
هذا لون من الشعر زهدي ثوري جامح، يكبر الإنسان الخارجي إكباراً شديداً، لأن كل إنسان ذهب في سبيل العقيدة يعد شهيداً، فهو المثل الأعلى في نظر أصحابه بعد استشهاده، وهو الذي يستحق الرثاء والبكاء، مثلما أن الجماعة الخارجية هي العصبية المثالية التي تمثل الحق فهي إذن تستحق المدح والثناء، ومن ثم كان موضوع هذا الشعر هو الإنسان-الإنسان الخارجي على وجه التحديد، والمحرك الداخلي فيه هو روح التقوى المتطرفة، فهو لذلك أدب قوي يزيد من قوة شدة التلازم بين المذهب الأدبي والحياة العملية، ويقترن فيه الصدقان: الصدق الفني والصدق الاجتماعي.وقد ترك فيه موضوع الموت لوناً حزيناً ونغمة حزينة ولكنه لم يسلمه إلى يأس مطلق، لأن هذا الموت نفسه كان عند أصحاب ذلك الشعر نوعاً من الأمل إذ لم يعد الموت إلا دخول الجنة، أو لقاء الإخوان والأحباب الأبرار الأتقياء الذين تقدموا على الطريق. وفي إطار شعر الخوارج يأتي هذا الكتاب الذي بين أيدينا والموجه للدارسين والذي يحتوي على بعض ما عثر عليه المؤلف من شعر الخوارج المدرج في المصادر المخطوطة والمطبوعة القديمة والحديثة، وما يميز هذه المجموعة من القصائد هو أنها جاءت مرتبة على أساس زمني وذلك لأن أكثر شعر الخوارج الذي أثبتته المصادر المختلفة متصل بأحداث التاريخ بين معركة النهروان ومعركة قديد، ووضعه بهذه الصورة يسهّل على القارئ فهمه في النطاق التاريخي، ويمكنه من أن يلمح تدرجه مع الزمن، كما تتميز هذه الطبعة بملاحظات تاريخية، وتعريفات بالأعلام وتخريجات للقصائد، وبشروحات إضافية على القصائد.