في هذا الكتاب محاولة للوقوف على بعض آثار الأمم القديمة والحديثة، لا سيما في بناء المدن.. والوقوف هنا يستثني من التاريخ بعض الأعمال العولمية الكونية، التي بدل أن تعمل بدافع التآخي الإنساني والتعاون، تعمل على التفرقة والتباعد والصراع بين الأقوام، بل بين الحضارات كما تدعي.. والأمثلة التي يتناولها الكتاب تركز على تجربة بناء المدينة ...
قراءة الكل
في هذا الكتاب محاولة للوقوف على بعض آثار الأمم القديمة والحديثة، لا سيما في بناء المدن.. والوقوف هنا يستثني من التاريخ بعض الأعمال العولمية الكونية، التي بدل أن تعمل بدافع التآخي الإنساني والتعاون، تعمل على التفرقة والتباعد والصراع بين الأقوام، بل بين الحضارات كما تدعي.. والأمثلة التي يتناولها الكتاب تركز على تجربة بناء المدينة العربية في القديم والحديث.. وفي عهد عولمتين كبريين عرفهما التاريخ الإنساني: عولمة الإمبراطورية الرومانية وسلوكها في المدن العربية القديمة، لا سيما مدينة البتراء العائدة للأنباط العرب، منذ ما قبل القرن السادس قبل الميلاد، والعولمة الجديدة وتعاملها مع المدينة العربية الإسلامية وتعاطيها عموماً مع فن العمارة..وقد لحظ الكتاب تشابهاً بين العولمتين في نقاط كثيرة.. هذا التشابه الذي تركز في السياسة والاقتصاد والاجتماع والاتصال والثقافة.. علاوة على القوة العسكرية التي تفرض ما تشاء، فتلغي وتدمر وتصنع القوانين وتدير الأنظمة بما تراه مناسباً.إلا أن ما يلاحظه هذا الكتاب أيضاً هو التشابه في الظروف السياسية، لا سيما التعامل مع الشرق وبلاد العرب خصوصاً.. وفقد طعمت الإمبراطوريتان: القديمة والحديثة، فيها لثرواتها وموقعها وأهميتها الاستراتيجية، كما عملتا على تعزيز وجود اليهود في فلسطين قديماً وحديثاً، واستعملتاهم لتحقيق مآربهما في السيطرة على شعوب المنطقة.وإن كان من فضل لهذا الكتاب فإنه أعاد إلى الواجهة مسألة الاهتمام القديم والحديث بالبلاد العربية هدفاً من أهداف السيطرة الاستعمارية العولمية، وغاية من الغايات التي ما انفك الاستعمار يعمل من أجمل تحقيقها.