المسرح ضرورة في حياة البشر، وميزان دقيق لمدى تقدم أمة من الأمم حضارياً وذوقياً. ولكن هذا ما زال مشوباً بكثير من الأساطير والانطباعات المغلوطة في العالم، والتي تتزايد انتشاراً في الوطن العربي، حيث الجهل بالمسرح هو السائد، والإقبال على التفاهة التي تتشبه به هو المسيطر، وحيث تهتز معظم القيم الفنية وتفقد شرعيتها. وسؤال يطرح نفسه: هل...
قراءة الكل
المسرح ضرورة في حياة البشر، وميزان دقيق لمدى تقدم أمة من الأمم حضارياً وذوقياً. ولكن هذا ما زال مشوباً بكثير من الأساطير والانطباعات المغلوطة في العالم، والتي تتزايد انتشاراً في الوطن العربي، حيث الجهل بالمسرح هو السائد، والإقبال على التفاهة التي تتشبه به هو المسيطر، وحيث تهتز معظم القيم الفنية وتفقد شرعيتها. وسؤال يطرح نفسه: هل يذوي المسرح العربي الذي لا يجد رواده المثقفون، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى؛ هل يذوي المسرح في العالم وينطفئ مع تقدم التكنولوجيا السمع-بصرية؟ هل تحل التقنية الحديثة محل الطقس الديني والاجتماعي الذي بدأ في أوروبا مع الإغريق، وبدأ في الوطن العربي مع الحكواتي و"ألف ليلة وليلة"، وحكايا الجدات، مع أساطير الموت والانبعاث..؟ كيف تطور المسرح في العالم، وفي الوطن العربي، حتى وصل إلى ما يشبه الطريق المسدود؟ وهل ما شهدته حقبة الثمانينات من انكفاء الجمهور عن متابعة العروض الفنية الراقية، وإقباله على العروض التافهة دليل على موت التراجيديا وتهافت الكوميديا حقاً؟يحاول الدكتور رياض عصمت الإجابة عن هذه التساؤلات في محاولة لبيان الأزمة التي يمرّ فيها المسرح بصورة عامة والعربي منه على وجه الخصوص مبيناً بأن أزمة المسرح العربي مختلفة، لأن حال المسرح من حال السياسة، وأيضاً من حال الاقتصاد، وسر الأزمة الحقيقي ليس زحف التكنولوجيا الإلكترونية، وإنما تردي الذوق المدروس والمخطط له استعمارياً وداخلياً لتكريس "كباريه" هائل الحجم في بعض البلدان الآمنة حتى الآن، يستثمر ما تبقى من تراب الفلوس الخليجية بعد معارك الاستنزاف للطاقات العربية المهدورة في التبجح أو الجشع أو قمع الشعوب أو محاولة نيل رضا العدو تحت راية التطبيع ولو من جانب واحد. وجهة نظر الدكتور رياض عصمت هذه جديرة بالتأمل، وكتابه جدير بالمتابعة للوقوف على ما يعتري المسرح في الوطن العربي من إشكاليات تضعه بين الحلم والعلم.