نبذة النيل والفرات:هذه رحلة إلى العراق ليست كالرحلات الأخرى مما تعودنا قراءته منها، إنها رحلة أديبة مؤرخة فرنسية أو مولعة بالتاريخ القديم، في أواخر القرن التاسع عشر للميلاد، تمثل لك ضروباً من الملاحظات في سيرة العراقيين الاجتماعية وغيرهم من الشعوب للمقابلة والمقايسة، وتكشف لك عن ثقافة تاريخية قلما تراها اليوم عند امرأة شرقية، كم...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:هذه رحلة إلى العراق ليست كالرحلات الأخرى مما تعودنا قراءته منها، إنها رحلة أديبة مؤرخة فرنسية أو مولعة بالتاريخ القديم، في أواخر القرن التاسع عشر للميلاد، تمثل لك ضروباً من الملاحظات في سيرة العراقيين الاجتماعية وغيرهم من الشعوب للمقابلة والمقايسة، وتكشف لك عن ثقافة تاريخية قلما تراها اليوم عند امرأة شرقية، كما تذكر لك الرأي السياسي لهذه السائحة التي لم تتعود غير التصريح في كتابتها.ورجت العراق السيدة "ديولافوا" المركب اسم عائلتها من الله والإيمان سنة "1881م-1299هـ" في ولاية تقي الدين باشا الثانية على العراق، وأساءت الثناء على الأتراك من ولاة وأتباع، وجدبت إدارتهم، واستقبحت سيرهم، ويفهم من أقوالها أنها كانت تكرههم كأكثر الأمم الأوروبية يومئذ وهي بغضاء موروثة، كما يفهم من خلالها أنها كانت تحب الفرس وهم أعداء الأتراك إذ ذاك.وقد سجلت في رحلتها فوائد طريفة في عادات العراقيين وألبستهم، وأحوالهم الاجتماعية الأخرى تسجيلاً مفصلاً يجعل رحلتها إلى القصة أقرب منها إلى الرحلة، فلا ينفك القارئ فيها مقبلاً على قراءتها حتى يتمها مشغوفاً بها، مفتوناً بما يتخللها من ملحوظات بارعة، ونكت فائقة، وانتقادات مرة، وفضول غريب يصور لنا طبيعة نسوية خاصة لا أثر لها عند السياح، ولا عند كثير من النساء، ويمثل طرازاً من التفكير ينبغي لنا أن نطلع عليه، كما يعرب لنا عن حقيقة إخلاصها لزوجها، ومكابدتها المشقات من أجله، وأسلوب هذه السيدة السائحة أسلوب أدبي بارع ممتع، تعمدت فيه الإطالة خوفاً من الملالة، التي تنشأ في العادة من الأسلوب الرياضي المألوف في أكثر الرحل الجافة، فالرحلة قطعة أدبية جميلة.