في البداية شعر الجميع بالدهشة وهم يشاهدون هذا السلوك الغريب يصدر مني، ثم تحولت دهشتهم إلى فرح واعتزاز بهذا الابن الذي يفضل القراءة على اللعب، (لأنني قبلها كنت أحب اللعب في الشارع على أي شيء آخر). ثم إلى استفهام وأسئلة من نوع: ولكن ماذا يقرأ؟ وهل هي كتب مفيدة؟ أليس الأحسن لك أن تقرأ كتبك المدرسية، التي تجعلك تنجح وتتقدم في الدراس...
قراءة الكل
في البداية شعر الجميع بالدهشة وهم يشاهدون هذا السلوك الغريب يصدر مني، ثم تحولت دهشتهم إلى فرح واعتزاز بهذا الابن الذي يفضل القراءة على اللعب، (لأنني قبلها كنت أحب اللعب في الشارع على أي شيء آخر). ثم إلى استفهام وأسئلة من نوع: ولكن ماذا يقرأ؟ وهل هي كتب مفيدة؟ أليس الأحسن لك أن تقرأ كتبك المدرسية، التي تجعلك تنجح وتتقدم في الدراسة؟ لكنني صحيح لم أكن أعشق قراءتها، فلقد كانت تبدو لي أقل من مستواي الحقيقي.ثم صار الأمر مخيفًا لهم ومثيرًا لكل أنواع الشكوك والريبة، عندما لم أعد أذهب إلى الصلاة في المسجد على غرار جميع إخوتي. لقد كانت الصلاة شبه مفروضة بالبيت، أو كأننا لا نستطيع أن ننسجم في بيتنا إن لم نكن نصلي جميعنا.والحق أنني كنت أحب الصلاة إلى غاية تلك السنة التي بدأت فيها المطالعة. ربما الأمر يبدو غريبًا بعض الشيء، أو هكذا يمكن أن يتساءل أي شخص يؤدي الصلاة بشكل عادي، لكن بالنسبة لي كان الأمر على قدر كبير من البساطة..شعرت أنني عندما كنت أذهب معهم إلى المسجد وأصلي، كنت فقط أقلد أبي وإخوتي وأخواتي؛ ذلك أنني كنت عندما أراهم يصلون أحب أن أكون مثلهم، جزءًا من تلك الروح التي تجمعهم بالخالق والسماء. لم أكن أرغب أن أكون مختلفًا أو نشازًا عن محيطي الذي أعيش فيه، ثم كانت الصلاة تعني لي أن يُكبروني في عيونهم، أن ينظروا لي على أنني فرد كامل مثلما هم أفراد كاملون في نظري.لكن لأقل الحقيقة لم تلمسني قط أشعة السماء السعيدة، ولم يهتز قلبي لشيء خارق، ولم أشعر أنني في صلاتي كنت أخشع بحق كما يقولون هم عن الشعور الذي يسكنهم أثناء تأدية العبادة. كنت صغيرًا ولهذا لم أطرح أسئلة كثيرة، ولكن كنت أحس عميقًا بداخلي أنني لا أحس بشيء مما يحسون، وأنني فقط أقوم بدوري كما يقومون به أمامي، وأن هذه الصلاة لم يكن لها من غاية غير أن توحدنا مع بعض ومع الخالق الذي في السماء، وتجعلنا لأسباب أو لأخرى ننتمي إلى فئة معينة، أو ثقافة محددة، ولكن أن أحس أن يكون في تلك الصلاة خيط يربطني بالأعلى، فهذا لم أجده أو أشعر به. وكنت أتصور الله في تلك السن مثل أي شخص طيب في هذا الكون، وهو يسكن في مكان بعيد لا نستطيع أن نصل إليه، وأنه الوحيد الذي يستطيع أن يصل إلينا جميعنا.