فاعلم أخي المسلم أن الله _ تعالى _ قد منَّ علينا بهذا الدين ، وجعل له رسلاً وأنبياء اجتباهم الله من البشر للدعوة إليه ، والعمل به .ومِن تمام منَّتِه علينا : أن جعل للأنبياء والرسل ورثةً ورثوا عنهم العلم والفضل والخُلق ، قذف الله في قلوبهم النور ، فبِه علَّموا الناس الدين ، ودَعَوا إلى الله _ تعالى _ .ومن هؤلاء العلماء الَّذين نو...
قراءة الكل
فاعلم أخي المسلم أن الله _ تعالى _ قد منَّ علينا بهذا الدين ، وجعل له رسلاً وأنبياء اجتباهم الله من البشر للدعوة إليه ، والعمل به .ومِن تمام منَّتِه علينا : أن جعل للأنبياء والرسل ورثةً ورثوا عنهم العلم والفضل والخُلق ، قذف الله في قلوبهم النور ، فبِه علَّموا الناس الدين ، ودَعَوا إلى الله _ تعالى _ .ومن هؤلاء العلماء الَّذين نوَّر الله قلوبهم بالعلم والإيمان : الحافظ زين الدين ابن رجب الحنبلي ، الإمام ، الفقيه ، المحدث ، الواعظ ، صاحب التصانيف الفريدة بِموضوعها ، الغنية بمحتواها ، الذي منَّ الله عليه بفضله ورحمته بغزارة العلم ، ورجاحة العقل ، وسَعة الأفق .ومِن تصانيفه التي كان لها الأثر الكبير على الناس كتابه هذا ، والذي سمَّاه : «جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم» ، وهو شرح لكتاب «الأربعين» للنووي المحتوى أصلاً على اثنين وأربعين حديثاً ، فزاد هو _ رحمه الله _ عليها ثمانية أحاديث ، ثم شرحها جميعاً في كتابه الذي نحن بصدد الكلام عنه .وقد جمع كتابُ ابن رجب الأحاديثَ التي وصفها العلماء بأن مدار الدين عليها ، وقام بشرحها بأسلوب فريد ، جمع فيه بين طريقة أهل الحديث _ مِن خلال نقله لِكثير من الأحاديث والآثار ، مع بيان الروايات والطرق ، والكلام على أسانيدها نقداً وتعليلاً ، تصحيحاً وتضعيفاً ، وذكر الشواهد والمتابعات _ ، وبين الأسلوب التربوي في تهذيب النفوس والذي يمثل منهج أهل التربية ؛ متميزاً بنقل الحكم ، والمواعظ ، والرقائق _ ونحوها _ .ومع ما حوى هذا الكتاب مِن هذه الكنوز التي ذكرناها آنفاً ؛ لم يخلُ أيضاً من ذكر فوائد ومسائل فقهية كثيرة لا يكاد المسلم يجدها مجموعة في غير هذا الكتاب ، والتي ميَّزها مصنف الكتاب بنقل جُلِّ الأقوال في المسألة الواحدة ، حتى غدا الكتاب مرجعاً لأهل الحديث والفقه .