حرب الخليج الثالثة:الطريق إلى الحربتأتي أهمية هذا الكتاب من أنه يتحدث -بالشرح والتحليل عن مرحلة الاقتراب من الأزمة العراقية الأمريكية والإعداد لها سياسيًا وعسكريًا في إطار التحالف "الأنجلو سكسوني" بين أمريكا وبريطانيا وواقعيًا بدأت الولايات المتحدة الأمريكية طريقها إلى الحرب الثالثة منذ تواجدها العسكري في حرب الخليج الثانية التي...
قراءة الكل
حرب الخليج الثالثة:الطريق إلى الحربتأتي أهمية هذا الكتاب من أنه يتحدث -بالشرح والتحليل عن مرحلة الاقتراب من الأزمة العراقية الأمريكية والإعداد لها سياسيًا وعسكريًا في إطار التحالف "الأنجلو سكسوني" بين أمريكا وبريطانيا وواقعيًا بدأت الولايات المتحدة الأمريكية طريقها إلى الحرب الثالثة منذ تواجدها العسكري في حرب الخليج الثانية التي استهدفت تحرير الكويت.ومع بداية عام 2001 تولت الإدارة الأمريكية في واشنطن حكومة يمينية ذات نزعة أصولية أقرب إلى المسيحية الصهيونية في وقت كان العالم قد اتفق على إيقاف المد الأصولي بكل صوره، ومن يراجع خطاب الاتحاد الأول لجورج بوش الابن يجد فيه بعض المؤشرات نحو فرض السيطرة -والهيمنة- "إن أمن إسرائيل أحد أهم أهداف الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط".أي أن أحداث سبتمبر لم تكن هي الدافع الرئيسي بقدر ما كانت هي أحد أهم عوامل التعجيل بالحرب، وأعلنت الولايات المتحدة عن تشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب بدأ أولى مغامراته في أفغانستان لاتهامها بإيواء منظمات إرهابية وخاصة تنظيم القاعدة، ولكن سرعان ما تبين لدول العالم أن الهجوم على أفغانستان لم يكن سوى المحطة الأولى في طريق طويل.. بدأ باتهام العراق بامتلاكها أسلحة الدمار الشامل -وهو ما يهدد أمن وسلامة الولايات المتحدة حالة وصول هذه الأسلحة إلى المنظمات الإرهابية وهنا سقط القناع عن أهداف الإدارة الأمريكية فالضربة العسكرية للعراق قادمة قادمة لا محالة.. وهو ما ثبت من إجراءات التعجيل فلم تنتظر الولايات المتحدة إتمام لجان وأطقم التفتيش إجراءاتها وبدون انتظار قرار من مجلس الأمن أو موافقة دولية شنت أمريكا الحرب بتحالف أنجلو ساكسوني، التي تعد كارثة حربية إنسانية بكل المقاييس.إن الهجوم واحتلال العراق مهما كانت المسميات التي حاولت الولايات المتحدة الدخول تحت غطائها تعتبر زلزالاً هز جوانب العالم وسيكون لهذا الزلزال توابع عديدة منها مستقبل الأمم المتحدة والناتو وجامعة الدول العربية.. إلى جانب مستقبل مشكلات عديدة مثل الحد منا لتسلح وأسلحة الدمار الشامل والمشكلة الفلسطينية.وفي هذا الكتاب عرض لمرحلة الاقتراب من الأزمة وتوصيف لرؤية الأطراف في إدارة الأزمة العراقية الأمريكية قبل وصولها إلى دائرة الانفجار واندلاع الحرب فيما يسمى بناء المناخ الدولي وتأهيله لحالة الحرب -أو ما يمكن أن نطلق عليه مجازًا الإعداد السياسي والعسكري للحرب.لقد أخذت الولايات المتحدة على عاتقها أن تلعب دور الشرطي في العالم لمحاسبة دول في المجتمع الدولي طبقًا لتصنيفها ورؤيتها من دول حليفة أو معادية لدول الشر أو المارقة متجاهلة حدود شرعية وقانونية استخدام القوة العسكرية.وأولى خسائر المجتمع الدولي هي سقوط هيبة "المنظمة الدولية".ومن ثم فإنه من الأهمية بمكان أن نتعرف على المستجدات التي طرأت على الفكر الأمني والاستراتيجي الأمريكي والتحول من عقيدة كلينتون إلى عقيدة بوش باتجاه الولايات المتحدة بتبني فكر الضربة الاستبانية أي التحول من الردع إلى الهجوم الفعلي وهو ما يعتمد أساسًا على الكفاءة العالية للأجهزة المعلوماتية حتى يمكن التنبؤ بالخطر القادم.أي أن هدفها هو إحباط نوايا الهجوم في تدمير التجمعات والحشود العسكرية ومن خصائصها أيضًا أنها تعرضية أي هجومية في المقام الأول وتعتمد على توجيه الضربات المفاجئة والمسبقة دون انتظار لاستكمال الأدلة.وقد تعرض الفصل الأول من الكتاب لمتطلبات تنفيذ الضربات الوقائية خاصة بعد فشل وثيقة وليم كوهين الصادرة عام 1992 والتي كان مخططًا لها أن تكون فاعلة حتى عام 2015 ولكنها عجزت عن تحقيق الأمن القومي الأمريكي لأنها ركزت على تهديدات خارجية لم يكن يتوقع لها أن تقفز إلى الداخل الأمريكي وتهدد شخص رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.وقد قدم بوش الابن رؤية جديدة أعلنت 20 سبتمبر 2002 تسودها التشاؤمية من مصير الصراع في العالم ولقد كانت الجرأة في إعلانها دليلاً آخر على أنها إنذار معلن وموجه إلى الدولة أو مجموعة من الدول قد تفكر باللحاق بالقوة الأمريكية على أي مستوى.وقد حددت الاستراتيجية الأمريكية أهدافًا ثلاثة أولها الدفاع عن السلام من خلال محاربة الإرهاب وثانيها الحفاظ على السلام من خلال إقامة علاقات طيبة مع القوى العظمى وثالثها توسيع نطاق السلام من خلال تشجيع المجتمعات الحرة.لقد أكدت وثيقة بوش أنها تمثل تحولاً تامًا عن الأفكار والمبادئ الأخلاقية التي قامت عيها السياسة الخارجية الأمريكية طوال خمسين عامًا مضت ومنذ مبدأ "ترومان" وتأتي انتصارًا حاسمًا للتيار المحافظ (الصقور) في السياسة الأمريكية ضد أصحاب النظرية الواقعية، كما قدم الفصل نقدًا أولها الرؤية البنيوية للاستراتيجية الأمريكية وثانيها ردود أفعال المتضررين من جراء السياسات الأمريكية كما قدم الفصل مجموعة من الدلالات الاستراتيجية لفشل منظومة الأمن القومي الأمريكي خاصة في مواجهة الإرهاب.والنقد الأخير كان حول تهديد الاستراتيجية وتهديدها للأمن القومي العربي.قدم الفصل الثاني وصفًا للحالة العربية والإقليمية من خلال تحديد موقع النظام العربي في دائرة الأزمة وذلك باسترجاع النظريات في علم "الجيبوبولتيكس" وانطلاقًا قاعدة نظرية ثم تحديد بعض القدرات العربية وانعكاساتها على النظام العربي سواء أكانت القدرات السياسية والاقتصادية والقدرات الروحية والثقافية والقدرات الأمنية والاجتماعية إضافة إلى الركائز الجغرافية التي من خلالها اكتسب أهميته الجيواستراتيجية وانعكاس كل هذه القدرات على النظام الأمني العربي. ثم انتقل الفصل إلى الإدارة العربية للأزمة في ظل العلاقات العربية الأمريكية المتميزة مع بعض القوى العربية والمتردية أو الأكثر تحفظًا مع البعض الآخر.وهذه العلاقات المتميزة من خلال تحالفات أو بناء قواعد أو تواجد القوات المسلحة وهي التي قدمت التسهيلات الكبرى لزيادة حجم القوات الأمريكية من خلال الحشد.. وبناء التجميع الاستراتيجي في خطة نقل استراتيجي.إلا أن هذه العلاقات التعاقدية كانت محددًا رئيسيًا على نص قرار القمة العربية من خلال التأكيد على امتناع دولهم عن المشاركة في عمل عسكري.. أو تقديم تسهيلات بمعنى امتناع دول الخليج عن استخدام أراضيها في شن عدوان على العراق.كما تعرض الفصل للإدارة غير الرشيدة لحكومة العراق للأزمة مع الجانب الأمريكي برغم خبراتها في حربي الخليج الأولى والثانية.وفي الفصل الثالث عرض مفصل لمنهج الإدارة الأمريكية للأزمة مع العراق يوضح سيطرة اليمين المتطرف على السياسة الأمريكية وهو ما اصطلح عليه بعقل الأزمة، وهذا العقل شقان الأول هم القائمون على الإدارة في شخصيات بعينها على قمتها "رامسفيلد" وزير الدفاع.والشق الثاني المراكز البحثية اليمينية.. وعلى قمتها مؤسسة أمريكان إنترايزر. وقد مر هذا العقل بتجربتين متزامنتين هما الأزمة العراقية والأزمة الكورية اختلفا كل الاختلاف بمعنى أنه كان هناك تعجيل بالأحدث في اتجاه العراق واتجاه آخر بالتهدئة إلى تجميد الأزمة تجاه كوريا ولكن الأزمة العراقية الأمريكية بعدة مراحل أولها خلفية التجربة الأمريكية في علاقاتها العربية وأغلبها مآسٍ. ثم كانت الوقفة الكبرى بعد أحداث سبتمبر وما تبعها من استراتيجيات أطلق عليها الحرب ضد الإرهاب وتبعها سيناريو الحرب ضد العراق والذي بدأ باستصدار قرار مجلس الأمن 1441 وما تبعها من إجراءات لجان التفتيش وصولاً لتدمير نسبة من الصواريخ "صمود" العراقية ثم خطاب الاتحاد "حالة الأمة" في نهاية يناير 2003 والذي كان بمثابة إعلان الحرب الفعلية على العراق.كما تعرض الفصل للسياسة الخارجية الأمريكية وحربها ضد الإرهاب، والسلام العربي الإسرائيلي والدعوة الأمريكية المعلنة نحو الإصلاح كسبيل من خلاله ترى إعادة تشكيل العالم على الطريقة الأمريكية.ونهاية الفصل استخلاص للأسلوب الأمريكي "الجاكسوني" في إدارة الأزمة وحقيقة الأهداف الأمريكية عالميًا وإقليميًا وطبيعة مواقف الأطراف سواء المؤيدة للتصعيد الأمريكي أو الأطراف المعارضة للتوجهات الأمريكية في استخدام القوة. وأخيرًا مواقف الأطراف في النطاق الإقليمي الشرق أوسطي سواء دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا وإسرائيل ودول الاتحاد الأوربي وموقف القانون الدولي من التدخل العسكري وإصرار الولايات المتحدة الأمريكية على خيار القوة.وعن الإعداد السياسي للحرب ضد العراق وفي إطار المبادئ الجاكسونية جاء الفصل الرابع ليوضح النشاط السياسي الأمريكي من خلال هذه المبادئ بتعزيز دور المؤسسة العسكرية وأهمية الحروب الوقائية، كما التخلص من الزعماء ليس خطأً مع عدم الاكتراث بالقانون الدولي وإن العالم سيظل أسيرًا للفوضى والعنف وفي هذا الإطار جاء إعداد التحالف الدولي ضد الإرهاب ومعالجة سلوك الدول المارقة من خلال تحجيم دور أسلحة الدمار الشامل في النظام العالمي الجديد.كما صاغت هذه الأزمة المنظور السياسي لحدود استخدام القوة ضد العراق وإن العقوبات ضد العراق عززت موقفه أمام الرأي العام الدولي وأكسبته أرضية وموقف العديد من المعارضين للتوجهات الأمريكية نحو التصعيد نحو الحرب ضد العراق ومن أهمها جامعة الدول العربية التي رأت الولايات المتحدة أنها تحقق العدالة والشرعية بإدارة الأزمة العراقية مع الاستخدام الأمثل للقوة ومن منظور إنساني رأت الإدارة الأمريكية أن التعجيل بالحرب يعد عملاً إنسانيًا لإنقاذ العراق من مآسي النظام وديكتاتورية صدام حسين وعلى مستوى البعد السياسي لتخطيط الحرب فقد كان بهدف الحصول على تصديق الشرعية الدولية للقيام بالعمل العسكري وهو ما عجزت عنه وبالتالي فقد تجاهلته وبالتالي فقد تصاعدت تأثيرات المعارضة الدولية للحرب على العراق وكانت بعض الدول الأوربية في طليعة رفض الحرب على العراق.وعن الإعداد العسكري للحرب ضد العراق والتي جاءت من خلال مجموعة من الأهداف المعلنة أولها تدمير أسلحة الدمار الشامل وآخرها تهدئة الهواجس الأمنية لدى إسرائيل.وكان الإعداد العسكري في مواجهة مجموعة من القيود الأول: أحداث سبتمبر والثاني: فشل إقناع الرأي العام العالمي والثالث: الأمم المتحدة.ثم يعرض الفصل لحجم القدرات العسكرية الأمريكية في منطقة مسرح العمليات الممتد من شرق البحر المتوسط وحتى شرق أفغانستان وآسيا الوسطى في مقابلة الإعداد العسكري العراقي والعوامل التي أثرت على فاعليته وأضعفت من قدراته، هذا بالإضافة إلى تأثير بعض القوى الداخلية في العراق مثل الأكراد والشيعة على المستوى الداخلي. كما استطاعت الولايات المتحدة أن تسَخِّر كل من له قدرة على المشاركة في الإعداد العسكري أو التدخل في مرحلة بعينها مثل دول مجلس التعاون الخليجي والدور التركي والدور الإسرائيلي.ويختتم الفصل الخامس والكتاب بدور الإعلام والحرب النفسية في تزكية هوس الحرب والذي أعلن نتيجة الحرب قبل اندلاعها.