الإنسان ذلك المخلوق الراقي

خلق الله الإنسان، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاً، فقد خلقه الله في أحسن صورة، يمشي على قدمين، وجعل هامته مرفوعة على عكس الحيوان. كما زوده بالعقل والإدراك والفهم، وميزه باللسان الناطق، والفكر الثاقب، ليس هذا فحسب.. بل سخر له كل ما في الأرض من حيوان ونبات وجماد.. وإذا كان الإنسان ينطق وينقل أفكاره للآخرين، فهو على عكس كافة الحيوانات، وقد قامت تجارب عديدة لتلقين بعض أنواع القرود كلمات وجملاً، إلا أنها لم تنطق إلآ ببعض الحروف كالباء والهمزة.أما الإنسان فهو يتعلم النطق والكلام بلا مشقة أو جهد كبير من والديه، وذلك بعد عامين أو أكثر من ولادته. والإنسان هو الحيوان الناطق الوحيد الذي استطلع أن يروض الوحوش، واستطاع أن يطير في الهواء بالطائرات، ويغوض في أعماق المحيطات بالغواصات. بل وانطلق إلى الفضاء. ووضع أقدامه على سطح القمر، وعما قريب سيرتاد الكواكب الأخرى، واكتشف موجات الراديو والتليفزيون وحظم الذرة، واخترع أجهزة للكشف عن الأمراض وتشخيصها، وفي المستقبل القريب سوف يتوصل إلى آفاق واكتشافات جديدة مذهلة، تسهل له الحياة.فإذا كان الإنسان قد ارتقى بفكره وعقله، فليعلم أن الله هو الذي منحه الفكر والعقل، وأنه مهما ارتقى في سلم الحضارة والمدينة، فهو مخلوق ضعيف، ينهزم أمام ميكروب لا يرى بالعين، قد يقضى عليه في لحظات.والله سبحانه وتعالى لم يترك الإنسان وعقله، فالعقل قد يزيغ عن الحق، ولا يعرف النافع أو الضار، أو الحلال والحرام، أو الصواب والخطأ، لذلك أرسل له الرسل لهدايته.والكتاب الذي بين أيدينا، يلقى الضوء على ذلك الإنسان منذ أن وضع قدميه على الأرض، ويوضح العناصر التي يتركب منها جسده، كما يظهر القدرات التي أودعها الله في أعضائه، وأنه أذكى المخلوقات، ميزه الله بالعقل والتكليف، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، وأنه مخلوق حر، وله حقوق بينتها شريعة الله، وكلفتها القوانين الوضعية، كما يبرز الكتاب المنجزات والاكتشافات والمخترعات والمبتكرات التي هي نتاج فكر الإنسان، ومحصلة قدراته وملكاته.