تواجه السياسة الأمريكية في العراق مصاعب خطيرة من شأنها أن تثير شكوكاً حول التطور السياسي للدولة بعد الانتخابات المقرر عقدها في 30 يناير/كانون الثاني 2005. إن حالة التمرد وعدم الاستقرار لا تزال قائمة، على الرغم من الجهود المستمرة من جانب الولايات المتحدة وقوات التحالف، وكذلك الجهود الأمريكية العالية المستوى لتعزيز الاستقرار والان...
قراءة الكل
تواجه السياسة الأمريكية في العراق مصاعب خطيرة من شأنها أن تثير شكوكاً حول التطور السياسي للدولة بعد الانتخابات المقرر عقدها في 30 يناير/كانون الثاني 2005. إن حالة التمرد وعدم الاستقرار لا تزال قائمة، على الرغم من الجهود المستمرة من جانب الولايات المتحدة وقوات التحالف، وكذلك الجهود الأمريكية العالية المستوى لتعزيز الاستقرار والانتقال السياسي.إذا تجاوزنا تقييم انتخابات يناير/كانون الثاني 2005، فإن الوسيلة المفيدة لتقدير مستقبل العراق هي دراسة السيناريوهات البديلة والمحتملة لما بعد الانتخابات.أحد هذه السيناريوهات هو "الحكومة الدمية" ذات الشرعية المشكوك بأمرها. وتتولى هذه الحكومة السلطة في العاصمة أو في منطقة محدودة من الدولة، وتكون مدعومة من إحدى الدول الكبرى أو من جيش أجنبي قوي. إن نموذج "الحكومة الدمية" يعطي وصفاً دقيقاً لما نشاهده الآن في العراق منذ أن تم اختيار الحكومة المؤقتة، فقد باتت شرعيتها محل شك من قبل العديد من العراقيين. إن الحقائق الجديرة بالملاحظة توحي بأن الحكومة لن تستمر بعد انسحاب القوات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة، وأن قوات الأمن العراقية أظهرت عجزاً عن الدفاع عن نفسها وعن أي أهداف رئيسية.وهناك سيناريو محتمل آخر يمكن وصفه بـ نموذج" الرجل القوي"، أي حكم رجل واحد وحزب واحد يعتمد بقوة على أساليب أمن قمعية للحفاظ على النظام. ويمكن أن يحدث ذلك إذا حقق المتمردون السنّة انتصاراً عسكرياً. على أية حال، فهذا الأمر مستبعد؛ لأن السنّة أقلية مقابل الأكثرية الشيعية، وإذا استمر وجود قوات التحالف في العراق فمن غير المحتمل أن ينتصر المتمردون على أعدائهم عسكرياً، وأن يؤلفوا ديكتاتورية قوية يسيطر عليها السنّة.وقد أشار بعض المراقبين إلى أن "دولة ضعيفة" في العراق يمكن أن تشكل تهديداً للمصالح الأمريكية أكثر من دولة قوية. ففي نموذج الدولة الضعيفة، يكون لكل حزب عراقي مهم القدرة الفعلية على خوض القتال ضد أي حزب آخر، وضد الحكومة المركزية أيضاً. ومع ذلك فإن هذا النموذج ليس الأكثر احتمالاً، لأنه من الصعب تخيل كيفية انهيار أي حكومة عراقية ما دامت تحت حماية القوات الأمريكية.وهناك سيناريو آخر من الممكن تحققه فيما يخص العلاقة بين الأحزاب الرئيسية بعد الانتخابات، هو نموذج "الحل الوسط"، ويتمثل في "التشارك في السلطة". إن تحقيق حل وسط بعد الانتخابات يبدو الهدف الحالي للإدارة الأمريكية. وإذا كانت اتفاقية المشاركة في السلطة شاملة وواسعة ومتفقاً عليها من قِبل جميع الأحزاب، فإنها يمكن أن تؤدي إلى الاستقرار والأمن اللذين فشلت الولايات المتحدة وشركاؤها العراقيون في تحقيقهما بعد سقوط نظام صدام حسين.