الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه ... أما بعد:فلا يخفى في أبواب العلم ما تستبطنه المقدمات العلمية في الفنون المختلفة من أهمية عظمى؛ إذ من شأنها أن تفتح الآفاق المعرفية لطالب العلم في التخصص المعني، وتكون باباً مجملاً يُفتح على مضامين العلم من حيث الإجمال ويأتي داخلُه على اصطلاحات الفنون وألفا...
قراءة الكل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه ... أما بعد:فلا يخفى في أبواب العلم ما تستبطنه المقدمات العلمية في الفنون المختلفة من أهمية عظمى؛ إذ من شأنها أن تفتح الآفاق المعرفية لطالب العلم في التخصص المعني، وتكون باباً مجملاً يُفتح على مضامين العلم من حيث الإجمال ويأتي داخلُه على اصطلاحات الفنون وألفاظها فيعتاد عليها ويرتادها، ولا شك أن علوم الشريعة لها المقام الأعلى في سلم العلوم بحكم كونها علوم الوحي المنزل وما تعلق بها من تفاعلات عقلية على مستوى الحفظ والفهم والاستنباط والتنزيل، ويحتل علم الأصول مقاماً سامياً في علوم الشريعة من جهة قربه وتلبسه بنصوص الخطابين، الخطاب القرآني وبيانه النبوي، وقد اعتاد أهل العلم وضع مداخل ومقدمات لعلوم الشريعة على وجه العموم وعلم الأصول على وجه الخصوص لمقاصد متعددة سنعرج عليها في المضامين، وفي الغالب يُضَمِّن العلماءُ هذه المقدمات كتبَهم الأصولية، يبينون فيها حد العلم، وموضوعه، وفائدته، وفضله، ونسبته إلى غيره من العلوم، واستمداده، وواضعه، واسمه، وحكمه، ومسائله، وهي منهجية تكاد تكون مطردة في مقدمات العلوم الشرعية، وقد تعنى للباحث خوض غمار هذه المقدمات باتخاذ مسلك مقارب لا يبتعد عن أسلافه كثيراً، إلا أنه راعى ترتيباً مغايراً قصد به استفزاز عقل طالب العلم في وجه هذا التغاير الشكلي في حقيقته، غير مدعٍ أنه أتى بما لم يأت به الأوائل، وإنما هي محاولة لاستجلاء بعض المهام التي يلزم تضمينها هذه المقدمات كما سيلمس ذلك القارئ الكريم، راجياً بهذا العمل تقريب العلم لسالكيه من المبتدئين من غير قصد المتضلعين منه، وهو في كل ذلك عالة من حيث المصدر والمرجع على من سبق من أهل العلم والفضل، سائلاً الله تعالى التوفيق والسداد في القول والعمل.