مما لا شك فيه أن أجهزة الدفاع المدني، كانت في طليعة المؤسسات التي أوجدها الإنسان للدفاع عن وجوده، فقد نشأت هذه المؤسسات بدافع إنساني صرف، لا يحدوه إلا سلامة الإنسان، وتأمينه من الأخطار، ومن هنا كان الطابع الإنساني الصرف على سلوك وفعل العاملين في حقول الدفاع المدني، بحيث نجدهم وقد نذروا أنفسهم للعطاء والمساعدة، غير متوانين عن الق...
قراءة الكل
مما لا شك فيه أن أجهزة الدفاع المدني، كانت في طليعة المؤسسات التي أوجدها الإنسان للدفاع عن وجوده، فقد نشأت هذه المؤسسات بدافع إنساني صرف، لا يحدوه إلا سلامة الإنسان، وتأمينه من الأخطار، ومن هنا كان الطابع الإنساني الصرف على سلوك وفعل العاملين في حقول الدفاع المدني، بحيث نجدهم وقد نذروا أنفسهم للعطاء والمساعدة، غير متوانين عن القيام بأي عمل يدفعهم إليه الواجب. حتى ليصل بهم العطاء إلى ورود الأخطار وبذل المهج والأرواح..على أن أجهزة الدفاع المدني لا يمكن أن تؤدي واجبها المقدس إلا إذا توفرت لها الإمكانيات والمعدات والوسائل الكافية، وهي بالتالي لا يمكن أن تنطلق في القيام بأعبائها ومهامها، وإن تحقق الأهداف المرجوة منها، إلا إذا تضافرت معها جميع الجهود وقدمت لها المشاركة الفعالة جميع أجهزة الدولة، وكذلك المصالح والمؤسسات العامة والخاصة بل وكل ومواطن باعتباره متطوعاً اختيارياً وعن قناعة، في سبيل هدف سام ألا وهو الدفاع عن حياة الإنسان، وحماية البيئة، وسلامة المجتمع..وإذا كانت أجهزة الدفاع المدني قد أصبحت من أولويات الدولة الحديثة واهتماماتها، فإن لبنان، وبعد الأحداث الأليمة التي عصفت به. وقضت فيه على الأنفس، وهدمت المرافق الحيوية، حتى عمت المصيبة جميع أجزائه، بات معنياً أكثر من أي بلد آخر بل وبأمس الحاجة إلى جهاز للدفاع المدني يكون متطوراً ويملك من الوسائل والمعدات ما يجعله قادراً على القيام بدوره الكبير في المجتمع، خاصة وإن هذا الجهاز الحيوي لا يقوم بالمهام المنوطة به أيام الكوارث والنكبات وحسب، بل وفي أيام السلم أيضاً، حيث المواطن والوطن معرضان في أي وقت، إلى أحداث تحصل، أو عوامل طبيعية تحدث على مدار السنة ومهما تعاقبت فصولها..ولقد وعي المسئولون في وزارة الداخلية هذه الحقائق فوضعوا نصب أعينهم تجهيز الدفاع المدني بالإمكانات الكافية، وتطويره حتى يصبح على المستوى الذي يأملونه له..ويبقى أن أبرز دور يمكن أن يقوم به جهاز الدفاع المدني هو الدور الهادف إلى توعية الجمهور وتثقيف المواطنين حتى تصبح لديهم مفاهيم الوقاية من الحوادث التي يمكن أن تحصل ويتعرفون على الطرق السليمة لمعالجة الإصابات التي قد تقع..ومن هنا وفي سبيل تعزيز هذه الطرق وتلك المفاهيم، ولكي يكون هنالك تدارك في الخسائر التي قد تصيب الأشخاص والممتلكات، والحد منها ما أمكن، في أي وقت حصلت فيه، أقدم العميد بهيج بحليس، مدير الدفاع المدني سابقاً، ورئيس المنظمة الدولية للحماية المدنية سابقاً، إلى وضع هذا الكتاب القيم عن الدفاع المدني لتثقيف الجمهور، بأمور الحماية المدنية، بحيث يستفيد منه الموظف والعامل، التلميذ، والسائق، الأب والأم، وأصحاب المعامل والمصانع والمرافق البحرية والجوية والأرضية، وكل مواطن بإطلاعهم على تطور نشاطات الدفاع المدني، وإحاطتهم علماً بإرشاداته، وتوجيهاته، للوقاية والحماية، ولمواجهة الكوارث على مختلف أنواعها..