راحت زوبعة الغبار تزحف إلى الوراء. وتصاعدت رائحة الزفت الذي شواه الصهد. ولوحت الدواب بذيولها في ظلال أشجار نحيلة. لعلها كانت تهش الذباب وحشرات القيظ. وعلى حواف الترع الآسنة، دومت أسراب البعوض. وانطلق نقيق ضفدعة كطلقات رشاش عتيق. بدت الأبقار والحمير في وهج الظهيرة ظلال لألسنة لهب أبيض. وجعلت أطياف الأشياء تتراقص على سطح بحيرة وهم...
قراءة الكل
راحت زوبعة الغبار تزحف إلى الوراء. وتصاعدت رائحة الزفت الذي شواه الصهد. ولوحت الدواب بذيولها في ظلال أشجار نحيلة. لعلها كانت تهش الذباب وحشرات القيظ. وعلى حواف الترع الآسنة، دومت أسراب البعوض. وانطلق نقيق ضفدعة كطلقات رشاش عتيق. بدت الأبقار والحمير في وهج الظهيرة ظلال لألسنة لهب أبيض. وجعلت أطياف الأشياء تتراقص على سطح بحيرة وهمية. وتخففت من ثيابي. وفي السماء، طارت الغربان وحامت حتى تعبت ثم هوت متكاسلة نحو الوادي السحيق. وابتلعها السفح الحامي كجدار فرن منتصب بين الأرض والسماء.ولم نمض في الصباح كما كان متوقعا. منذ أكثر من أسبوع ونحن نتواعد أن ننطلق عند الفجر. حتى إذا حل اليوم، جعل كل منا يحتمي بأعذاره الشخصية. وبدا الهيكل الحديدي فرنا يزحف على شريط ساخن يستمد منه الحرارة ثم ينفثها فيه. ويتعين علينا جميعا أن ننظر حينا إلى الحيوانات التي تشبه الأطياف، والتي راحت تتخبط في الخلاء، وحينا يتدبر كل منا ذريعة من ذات نفسه لمداراة وطأة العزلة وشدة القيظ، وأشياء أخرى