أتي الدراسات التي يضمها هذا الكتاب لتمثل حصيلة عقد من الزمن كرس فيها الملا جاسم جهوده في نشر البحوث والمقالات حول الاستشراق من حيث التحدي الاستشراقي للعرب والإسلام وبالعكس، ومدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن ودورها في تعزيز الدراسات الشرقية لدى الباحثين الغربيين منذ أكثر من قرن من الزمان. ثم الاتجاهات التبشيرية لمج...
قراءة الكل
أتي الدراسات التي يضمها هذا الكتاب لتمثل حصيلة عقد من الزمن كرس فيها الملا جاسم جهوده في نشر البحوث والمقالات حول الاستشراق من حيث التحدي الاستشراقي للعرب والإسلام وبالعكس، ومدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن ودورها في تعزيز الدراسات الشرقية لدى الباحثين الغربيين منذ أكثر من قرن من الزمان. ثم الاتجاهات التبشيرية لمجلة العالم الإسلامي الشهرية ودور المبشر صموئيل زويمر في تأسيسها وإدارتها (Muslim World) ونشاطاتها من الهند إلى الخليج العربي والعراق بكل صنوف الدراسة والكشف السياسية والاجتماعية والفكرية والدينية والاقتصادية.أما الاستشراق الإنجليزي والذي كان له دور فعال منذ القرن التاسع عشر، وقد عالجه الباحث حتى الحرب العالمية الثانية بحثاً تاريخياً وتتبعاً استكشافياً دقيقاً. ثم توقف عند المبشر وليم ميور في نشر التبشير في الهندي، وميور أحد أبرز الاستشراقيين البريطانيين في النصف الثاني من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي، وحصد شهرة واسعة بحكم مؤلفاته في التاريخ الإسلامي وخاصة كتابه "حياة مجمد" عام 1861 في طبعته الأولى علماً أنه صدر بعدة طبعات بعد ذلك. وكان ميور محط دراسة أخرى من الملا جاسم في مقارنة تاريخية استشراقية مع ماركوليوث في تصيهما لدراسة السيرة النبوية ومصادرها الرئيسة من القرآن الكريم والحديث الشريف وسيرة ابن إسحاق ومغازي الواقدي، واستعراض أسلوب كل منهما في معالجة غزوات الرسول الكريم وزواجه وقضايا أخرى محط اهتمام وتشكيك أغلب المستشرقين.لم يتوقف الملا جاسم عند هذا الجانب من رؤى المستشرق كب بل بحث في دراسته العامة للإسلام ديناً وفكراً وممارسة، ومحاولته تجسير الفجوة بين الشرق والغرب، ومحاولته توصيف الإسلام للقراء الغربيين مع كل ما يحمل هذا العمل من مهمات شاقة وشائكة رغم ما يرافق العمل من نوايا حسنة ونزاهة فكرية.وأخيراً يقف الباحث عند رؤى مستشرقين بريطانيين بارزين دافعاً عن الإسلام بحرص وجدية رغم أنهما غابا عن الساحة العربية والإسلامية، وارتفع صوتهما عن الإسلام رغم ما تحملاه من وزر ذلك من أبناء جلدتهما. فكانت وقفة ذكية وربما من أوائل الدراسات العربية عن اللورد هيدلي ومحمد مارماريوك بكتال المسلمان البريطانيان.وهكذا تجول الملا جاسم عبر أطياف الاستشراق المختلفة ليضع منهجاً نحن بأمس الحاجة إليه يستند إلى العلمية والموضوعية من جهة، والإيمان بالعقيدة الإسلامية ومكانة العرب والإسلام والمسلمين في الحضارة الإنسانية دون تحامل أو مزايدة أو مكابرة، ولا دونية أو منقصة.