إن من يأتي من جنوب الأرض كمن ينحدر من قرص شمس، لا يتآلف بسهولة مع كثافة الغيم أو يكتفي بخفق ضوءٍ خفيف، إلا أن الكاتب مصطفى سُكَّر بدا متآلفاً مع شمس البلاد الجديدة في مغامرته الروائية هذه "ثمَّ طارت" والتي يخبرنا فيها عن بلاد الهند والسند؛ ذلك أنه استدرج رحلته إلى لعبة سردية بناها على أساس واقعي حقيقي من حيث الشخصيات والوقائع وا...
قراءة الكل
إن من يأتي من جنوب الأرض كمن ينحدر من قرص شمس، لا يتآلف بسهولة مع كثافة الغيم أو يكتفي بخفق ضوءٍ خفيف، إلا أن الكاتب مصطفى سُكَّر بدا متآلفاً مع شمس البلاد الجديدة في مغامرته الروائية هذه "ثمَّ طارت" والتي يخبرنا فيها عن بلاد الهند والسند؛ ذلك أنه استدرج رحلته إلى لعبة سردية بناها على أساس واقعي حقيقي من حيث الشخصيات والوقائع والأحداث؛ وأخضعها لمقتضيات الفن الروائي؛ وجعل من نفسه راوياً مشاركاً بالأحداث وليس عليماً بها، لنجده وقد تحول إلى شخصية روائية تتفاعل مع الأحداث، وتفعلها، وتنفعل بها، فهو ما يبرح يتسلل من ثنايا النص ويطل برأسه بين فينة وأخرى، ليقول ما يريد عما شاهده وعاصره في رحلاته، ما يمنح السرد مصداقية في النص. وهذه الخصيصة تنسجم مع العالم المرجعي الذي تحيل عليه القصص ما يثبت قدرة الأدب على رصد حياة البشر في أي زمان ومكان.في المقدمة التي يفتتح بها الكاتب عمله يتوجه إلى القارئ قائلاً: "... قبل أن تقرأوا ما كتبته عن رحلاتي الأخيرة لدولة الهند وماليزيا وإندونيسيا المذكورة في هذا الكتاب، أود أن أوضح لكم شيئين:الأول - أني لست كاتباً متفرغاً منقطع للكتابة، بل مجرد موظف عادي بأحد الشركات، هوايتي هي السفر والترحال وتسجيل ما أراه وأكون طرفاً فيه.الثاني - أنا لا أخطط لهذه الرحلات، هي تأتي ضمن إجازاتي السنوية التي أحصل عليها بعد عام من العمل، والتي أفضل أن أقضيها في أماكن بعيدة قدر الإمكان عن مقر عملي وإقامتي.سوف تلاحظون أني أكتب بعفوية، كثير من تعبيراتي لا تكون انتقائية، وأتجنب قدر الإمكان العبارات الإنشائية، لا أهدف من هذه الكتابات إلقاء المواعظ والحكم، ولا التهكم على الآخرين، ولا المقارنة بيننا وبين الشعوب الأخرى، فلكل منهم حياته التي اختارها أو فرضت عليهم وارتضوا بها.ويتابع الكاتب: ما سجلته في ثلاث دول آسيوية له نكهة خاصة، (...) الدول التي عبرتها تضم كيانات مختلفة من البشر لها عاداتها وتقاليدها بل ودياناتها، ويكون من الصعب أحياناً التعامل مع مثل هذه النوعيات المختلفة، فالبعض منهم منفتح ويسهل التعامل معه، والبعض الآخر صندوق أسود لا يسمح لأحد بالإطلاع على ما بداخله، القصص شيقة وما كنت متوقع أني سأعيش هذه الأحداث المتلاحقة التي مررت بها، لكن بطريقة أو بأخرى تباعدت وتعايشت وتعاملت وحصلت على ما أتيح لي من معلومات، أضعها الآن بين أيديكم، ولعمري أنه لغرض نبيل أن نطلع الآخرين على ما مرّ بنا من تجارب...".يضم الكتاب ثلاثة قصص من أدب الترحال، القصة الأولى "ثم طاااارت" وهي (التجربة الهندية)، القصة الثانية "ماليزيا.. سلامات مالام!" وهي (التجربة الماليزية)، القصة الثالثة "سومطرة أوتارا" وهي (التجربة الإندونيسية).
