إن للدين دوراً أساسياً في حياة البشر الاجتماعية، ويتخذ هذا الدور طابعاً خاصاً في المجتمعات التي توالت فصول تاريخها على خلفية دينية، والباحث يخصها في هذا رصد هذه السمة في المجتمع الإيراني الذي توالت فصول تاريخه قبل دخول الإسلام إلى إيران وبعده على خلفية من هذا القبيل.على أن هذه الخلفية الدينية تفيض وتتحرك وتتفاعل مع التغييرات الت...
قراءة الكل
إن للدين دوراً أساسياً في حياة البشر الاجتماعية، ويتخذ هذا الدور طابعاً خاصاً في المجتمعات التي توالت فصول تاريخها على خلفية دينية، والباحث يخصها في هذا رصد هذه السمة في المجتمع الإيراني الذي توالت فصول تاريخه قبل دخول الإسلام إلى إيران وبعده على خلفية من هذا القبيل.على أن هذه الخلفية الدينية تفيض وتتحرك وتتفاعل مع التغييرات التي تشهدها مرافق المجتمع الإيراني الأخرى وفي الطليعة منها ما يمكن تسميته على وجه العموم المرافق السياسية والاجتماعية والثقافية، ومن هنا ما يكون لهذه الخلفية من تأثير على مواضيع كالإنسان، محلاً ودوراً والتنمية العامة وغير ذلك.لهذا الغرض خصص الباحث كتابه بدراسة تناول من خلالها خطاب الفكر الإسلامي المعاصر في إيران وذلك على ضوء جدليات التقليد والتجديد. وحصراً لهذا الموضوع في إطار الخطاب المعاصر توزعت مادة البحث على مقدمة وخمسة فصول وخاتمة حيث تتبع الباحث خلالها بدايات التجديد والإصلاح في الفكر الإسلامي في إيران منذ القرن التاسع عشر، فإلى جانب صعود مدرسة الأصوليين الذي عرض له بإيجاز، تتبع منجزات الثورة الدستورية الأولى 1905/1906 من الناحيتين الثقافية والسياسية، فالانتكاسات أيام آل بهلوي، وصولاً إلى التجدد الفكري والسياسي في الستينات والسبعينات من القرن العشرين.وفي هذا السياق يبين الباحث اجتهادات السيد محمد باقر الصدر (العراقي الذي اتسع تأثيره ليشمل إيران والبلدان العربية الأخرى) والمطهري وشريفي وكثيرين آخرين على اختلاف توجهاتهم، إضافة إلى شيوخ المرجعية وفقهائها الذين كانوا يضعون نصب أعينهم منافسة اليسار على الجمهورية من جهة، والتصدي لملكية آل بهلوي من جهة أخرى.ودارت الدراسة في جزء منها حول مفكري الثورة وفقهائها وشيوخها ومراجعها وشبانها. وقد أبرز الباحث ما قام به هؤلاء في العقدين الأخيرين من جهود هائلة لمتابعة المتغيرات، وتأمل واقعة الدولة الإسلامية، والتفكير في عالمية الإسلام، وطرائق التواصل مع النخب خارج إيران، ومع العالم.لقد كان من شأن التطور التصاعدي الذي سعى هذا الكتاب إلى وصف مراحله إبراز دور هذه الفئة والتي دعيت بفئة المثقفين الإسلاميين. فهؤلاء المثقفون ليسوا من خريجي المؤسسات الأكاديمية فقط ولكنهم أيضاً من خريجي الحوزات العلمية (الدينية) وهذا ما حاول الباحث الإشارة إليه من التطور الكبير الذي لحق بالحوزات هذه أنها لم تعد تخرج رجال دين فقط بل رجال دنيا ودين.ويقول الباحث بأن التزامه بحدود البحث حالت دون توسعه في استعراض نشأة هذه الفئة ودورها المتنامين لذا توقف في مقدمة كتابه عندها لأن جزءاً كبيراً من مصير إيران اليوم بين يدي هذه الفئة.