نبذة النيل والفرات:بين ظاهر الحياة من شتى نواحيها الاجتماعية والعمرانية والثقافية والسياسية في الجيل الماضي وما يماثلها في الجيل الحاضر فورق بعيدة فنحن لا نعيش اليوم كما عاش أهل جيل أو أجيال مضت لشانها. وكثير منا لا يعرف كيف كان يعيش الناس في تلك الفترة الماضية. ولا يعلمون ما هي عاداتهم في مطاعمهم ومشاربهم أو في ملابسهم ومساكنهم...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:بين ظاهر الحياة من شتى نواحيها الاجتماعية والعمرانية والثقافية والسياسية في الجيل الماضي وما يماثلها في الجيل الحاضر فورق بعيدة فنحن لا نعيش اليوم كما عاش أهل جيل أو أجيال مضت لشانها. وكثير منا لا يعرف كيف كان يعيش الناس في تلك الفترة الماضية. ولا يعلمون ما هي عاداتهم في مطاعمهم ومشاربهم أو في ملابسهم ومساكنهم أو في مراتبهم. ولا يعرفون كذلك ما هي وسائلهم في الثقافة. وما هي صنائعهم أو حرفهم ومهنهم. وما هي مكانتهم التي يتبوأونها في سلم المدينة والحضارة إلي غير ذلك من الأحوال والأوضاع.أجل ما أكثر من يجهل منا أوضاع بلادنا في جيل مضى. ومن أمتع البحوث التاريخية وأكثرها فائدة وأحسنها عائدة أن يتصدى كاتب أو أديب من الذين عاصروا أهل تلك الفترة وأخذوا عن أهلها أو تحدثوا عنهم. وراقبوا سير التطور والتجدد الطارئ على مظاهر الحياة المذكورة.والسفر الذي بين يدينا يضم نبذة من أخبار تلك الفترة الماضية، ووصف الأوضاع بغداد، وأحوالها والإلمام ببعض خططها وهندستها المعمارية على ما كانت عليه في ذلك الحين. هذا إلى التعريف بطبقة من رجالها على اختلاف مناحيهم سواء أكانوا من الحكام أو الوجهاء أم من العلماء والشعراء والأدباء. والمقرئين المجودين وحفظة الكتاب الكريم. ولم يغفل التعريف ببعض ألذ عار ومخيفي السبل وقاطعي الطرق على وجه لا يخلو من الطرافة. ومرد كثرة عدد هؤلاء إذ عار ومخيفي السبل في رأي هذا الأديب إلى مظالم الحكام وإلى فساد السياسة وضياع العدالة. وهو يدعو إلى التزام العفو والصفح عن العقوبة لأن فرض العقوبة الشديدة في كثير من الأحيان يدل على الضعف أكثر مما يدل على القوة.عني المؤلف مضافاً إلى ذكر بذكر جملة من الأندية والمجالس الأدبية حتى مجالس الأنس والطرب. ولم ينوه بهذا الضرب من المجالس على علاوتها، بل استهجت ما تشمل عليه أحياناً من الجنون والخلاعة والخروج عن الآداب، وندد بذلك ودعى إلى الحشمة والمحافظة على الاتزان.