لعل مما يحمل الباحث على اختيار موضوع دون غيره، أهميته من جهة، وافتقار الدراسات الموجودة إليه من جهة ثانية. ولا شك أن تاريخ المغرب وحضارته من الموضوعات التي تغري بالبحث والدراسة، لأنها تزيح الستار عن حقائق كثيرة لا زال بعضها إلى الآن متعطشا إلى من يتعهده ويبعث فيه الحياة.ومن هذا المنطلق كان اختياري للبحث في تراثنا الأدبي المغربي ...
قراءة الكل
لعل مما يحمل الباحث على اختيار موضوع دون غيره، أهميته من جهة، وافتقار الدراسات الموجودة إليه من جهة ثانية. ولا شك أن تاريخ المغرب وحضارته من الموضوعات التي تغري بالبحث والدراسة، لأنها تزيح الستار عن حقائق كثيرة لا زال بعضها إلى الآن متعطشا إلى من يتعهده ويبعث فيه الحياة.ومن هذا المنطلق كان اختياري للبحث في تراثنا الأدبي المغربي الزاخر، هذا التراث الحافل الذي واكب الأمة المغربية في حربها وسلمها، في مدينتها وباديتها، في كوخها وبلاطها، والذي ساهم في تكوين شخصيتها وتمييزها بين الأمم. ومن هذا المنطلق أيضا كان اختياري لموضوع معين في هذا التراث، هو الشعر الدلائي، وهو موضوع يطرح الكثير من القضايا والتساؤلات التي ينبغي تناولها بكل ما يمكن من الدقة والتحري، وهما العنصران اللذان يعتبران العمود الفقري لكل عمل مثمر جاد.ولقد كان اختياري لهذا الموضوع مرتكزا على أسباب متعددة أذكر منها على الخصوص أن الزاوية الدلائية التي أعدت لتلعب دورها الديني كغيرها من الزوايا، لم تقف عند هذا الحد، بل تعدته إلى الناحية السياسية، حيث نرى من رجالها من أصبح سلطانا على بعض مناطق المغرب، بل لقد تجاوزت هذا الدور أيضا لتبرز وجودها العلمي من جهة، ووجودها الأدبي من جهة ثانية، وبذلك كانت أدوارها متنوعة، وكانت زاوية مشاركة في تكوين تاريخ المغرب، وتخليد تراثه، لا سيما إذا علمنا أن معظم رجالها كانوا شعراء، منهم من يقول القصائد الطوال، ومنهم من يقول المقطوعات والأبيات القليلة، سواء كانت هذه القصائد والمقطوعات مستقلة بذاتها، أو مدمجة داخل رسائل أو كتب كانوا يستهلونها أو يذيلونها بالشعر.ولقد كان اهتمامي في أول الأمر منصبا عاى أعلام الأسرة الدلائية، يغريني بذلك أن معظمهم شعراء كما تقدم، ولكن توجيها من أستاذي المشرف الدكتور عباس الجراري المحترم، هداني إلى ضرورة التعامل مع أعلام الشعر الدلائيب، سواء منهم من كان منتميا إلى الأسرة الدلائية بالقرابة والنسب، أو من كانت لهم بها علاقة، كالاقامة بالزاوية مثلا، أو التلمذة على أساتذها، أو ما إلى ذلك من أنواع العلاقات التي تنتهي بالتأثر والتأثير، وتخلق اتجاها أدبيا ملحوظا يكاد يستقطب جل هؤلاء الأعلام...