اعتمد القضاء الليبي كلياً على البعثات القضائية المصرية، ولكن بعد عودة البعثة القضائية المصرية إلى بلدها في ظروف تقديم استقالة جماعية، أصبح هناك فراغ كبير في الهيئة القضائية الليبية، وحاولت وزارة العدل معالجة الأمر بإصدار قرارات بترقيات استثنائية لسد الفراغ، إلا أن جهاز القضاء ظل مترنحاً؛ لعدم وجود العدد الكافي خاصة من المستشارين...
قراءة الكل
اعتمد القضاء الليبي كلياً على البعثات القضائية المصرية، ولكن بعد عودة البعثة القضائية المصرية إلى بلدها في ظروف تقديم استقالة جماعية، أصبح هناك فراغ كبير في الهيئة القضائية الليبية، وحاولت وزارة العدل معالجة الأمر بإصدار قرارات بترقيات استثنائية لسد الفراغ، إلا أن جهاز القضاء ظل مترنحاً؛ لعدم وجود العدد الكافي خاصة من المستشارين وقد لحق ذلك الأمر صدور بعض التشريعات بتشكيل محاكم شعبية، ومحاكم استثنائية مثل محكمة الشعب، والإدعاء الشعبي، وإعطاء قضاة وأعضاء هذه الهيئات مزايا مالية لم تعط لغيرهم في القضاء العادي؛ مما كان له بالغ الأثر في نفسية بعض القضاة وترديهم في الفصل وإضعاف نفوسهم وانحراف بعضهم، وقد زاد من ذلك كله صدور تشريع بإلغاء مهنة المحاماة الحرة، واستبدال المحاماة الشعبية بالمحاماة الحرة، وهذا الإجراء كان له أيضاً بالغ الأثر في وجود القاضي القادر الواثق؛ لأنه كما يقال لا يصبح القاضي مجتهداً إلا في ظل وجود محام مجتهد وبهذا تعثرت مسيرة القضاء في القطر الليبي، كل ذلك في ظل غياب الدستور للبلد، وعدم وجود دائرة دستورية بالمحكمة العليا، وقد ترك كثير من القضاء مناصبهم والإتجاه إلى مهنة المحاماة بعد رفع الحظر عنها، لذا رأيت أن أكتب أن هذا الموضوع؛ لأهميته البالغة ولأتقدم به كبحث للمكتبة القانونية الليبية. وقد اعتمدت في هذا البحث على المنهج المقارن، الذي يعتمد على مقارنة النظم ببعضها، من أجل إيضاح المزايا، والعيوب لذلك فأنه قد تم المقارنة بين السلطة القضائية في النظام الإسلامي، وبين النظم القانونية الأخرى الحديثة في مصر، وليبيا بهدف إظهار العظمة التي يتمتع بها القضاء من جانب، وإظهار بعض ما يتعلق بهذا الجهاز أيضاً من مثالب، وباعتباره سلطة من سلطات الدولة قديماً وحديثاً، وقد جرى تقسيمه إلى الفصول التالية: (الفصل التمهيدي: تعريف القضاء ودليل مشروعيته وشروط تولي القضاء، الفصل الأول: القضاء في الإسلام، الفصل الثاني: الحصانة والإستقلالية، الفصل الثالث: المساءلة، الفصل الرابع: القاضي العادي، الفصل الخامس: القاضي الدستوري).