هو يحتاج بعض الوقت يتمنى أن يكون قصيراً كي يضع ما يسمونه في الافلام, النهايات المحزنة، لقد شعر أنه لا يمكنه خرق القانون الذي يتحكم بوجود رائحة ما, تلك الكتلة الكثيفة من الدخان التي سدت السماء, حتى أنه لم يعد بإمكانه انتظار خيط ضوء واحد, ولم يعد في طبعه قوة تساعده على رؤية العالم خارج العتمة، كان مؤمناً أن تكليفاً عليه إنجازه بسر...
قراءة الكل
هو يحتاج بعض الوقت يتمنى أن يكون قصيراً كي يضع ما يسمونه في الافلام, النهايات المحزنة، لقد شعر أنه لا يمكنه خرق القانون الذي يتحكم بوجود رائحة ما, تلك الكتلة الكثيفة من الدخان التي سدت السماء, حتى أنه لم يعد بإمكانه انتظار خيط ضوء واحد, ولم يعد في طبعه قوة تساعده على رؤية العالم خارج العتمة، كان مؤمناً أن تكليفاً عليه إنجازه بسرعة، سوف تفرح أمهم بعودتهم واخواتهم وأولادهم، أمّا هو فقد تحللت في داخله تفاصيل النزهة التي يسمونها الحياة، وتعفنت كلّ العناصر التي تشكل صورتها، هو يشعر أن في داخله كراهية شملت حتى نفسه،إنه يكرهها لأنها تمارس مادام هو حيّ هذا التفاعل التخريبي الذي يسمونه العلاقة بين البشر, إنه سلوك شائن يصرّح المتقاتلون ان الشرائع السماوية قد اقّرته والحقيقة , كان يسال نفسه :هل أن أصل فكرة الخلق تضمنت الاقرار بهذا التفاعل الحيواني الغريزي الشرير؟. كان يبكي ولم يعد ير في هذه الفعالية عيباً, لم يعد مؤمناً بأفكار كهذه, الحقيقة أنه عندما يبكي ليس من الحزن على كونه انسان يتعرض للهلاك بل لأنه لم يعد كائناً آخراً منزهاً تماماً من لوثة الذهن وقذارة التفكير, قبل الحادثة بوقت طويل ومنذ اندلاع هذه الحرب كان يفكر أنه من المفروض أنه كلما تطور العقل البشري, وتعمقّ السؤال الفلسفي وتنوعت الافكار, كلما تسارعت الاختراعات ومكائن الانتاج والمواصلات ووسائل الراحة والعلاج الجيد, يكون الانسان أكثر استعداداً لرفع ذاته فوق مستوى الوحشية, كان يهزّ رأسه أسفاً وهو يردد: كل شيء بالعكس ثمة خطأ كبير, خطأ لا أعرف أسراره .