"للمرة الأولى أفقت، في غرفتي، باكراً جداً، ولم أتثاءب ولم أتمط، بل وثبت إلى قدمي في دغشة الفجر، كطفل يستعجل صباح العيد، للمحة الأولى، وقد سمعت صياح الديك، خلت أنى أرى جدتي بمنديلها الأبيض الهائل، تحوم حولنا في "العلية" في "بعقلين" ونحن نتأهب إلى الخروج لصيد العصافير، ولكنها لمحة وانخطفت، فحققت أن إقامتي الباكرة، وجذلي سببهما أني...
قراءة الكل
"للمرة الأولى أفقت، في غرفتي، باكراً جداً، ولم أتثاءب ولم أتمط، بل وثبت إلى قدمي في دغشة الفجر، كطفل يستعجل صباح العيد، للمحة الأولى، وقد سمعت صياح الديك، خلت أنى أرى جدتي بمنديلها الأبيض الهائل، تحوم حولنا في "العلية" في "بعقلين" ونحن نتأهب إلى الخروج لصيد العصافير، ولكنها لمحة وانخطفت، فحققت أن إقامتي الباكرة، وجذلي سببهما أني وهذا الدفتر على موعد. أنا عامل كان عاطلاً وفاز بعمل من جديد، غير أني ما كنت أجلس إلى هذه الصفحات حتى شعرت ثانية بثقل العمل، أصعب ما في الكتابة هي الكتابة، إنها كالحياة، الولادة هي أشق مراحل الخلق فيها". أحاديث يرويها تضمنها هذه الصفحات بشغف... يكتبها سعيد تقي الدين لينفض عن نفسه، وعن لسانه، ذكريات اختباراتها، هي ستغوص في نفس قارئها، وستثبت على الدهر تاريخاً، فالصدق معدن لا يتلسبه الصدأ.