يضم هذا الكتاب بين طياته رسالتين الأولى جاءت تحت عنوان "البصائر النصيرية في علم المنطق" وهي من إعداد الإمام القاضي الزاهد زين الدين عمر بن سهلان الساوي، وهذه الرسالة دونها المصنف بحسب قوله "بغية التقرب من مجلس الوزير وطلب الإذن لجمع كتاب في بعض العلوم الحقيقية. وفي بداية الكتاب اهتم القاضي بتحديد أسلوبه في الكتابة وحدوده مصرحاً ...
قراءة الكل
يضم هذا الكتاب بين طياته رسالتين الأولى جاءت تحت عنوان "البصائر النصيرية في علم المنطق" وهي من إعداد الإمام القاضي الزاهد زين الدين عمر بن سهلان الساوي، وهذه الرسالة دونها المصنف بحسب قوله "بغية التقرب من مجلس الوزير وطلب الإذن لجمع كتاب في بعض العلوم الحقيقية. وفي بداية الكتاب اهتم القاضي بتحديد أسلوبه في الكتابة وحدوده مصرحاً أنه ينبغي اكتساب التصور والتصديق الحقيقيين فلقط بالحد والبرهان. بعد ذلك بدأ الساوي كتابه بمقدمة جمعها على فصلين: ماهية المنطق ومنفعته، وموضوع هذا العلم.ثم قسم الكتاب إلى ثلاث مقالات أساسية جاعلاً كل مقالة تتوزع على فنون والفن يتشعب إلى فصول عالج في كل منها موضوعاً محدداً. إذا كانت المقالة الأولى تسعى لمعالجة بحث الحدّ والتصور بدءاً برسوم إيساغوجي انتقالا إلى مسائل المقولات ولواحقها. واختصت المقالة الثانية في بحث التعريفات والتحديات، وعلى الرغم من طابعها المنطقي إلا أنها عكست هموم مناطقة المسلمين في معالجة مسائل الحدود لتبين العلاقة الوثيقة بين ما في الأذهان وما في اللسان.أما المقالة الثالثة فكانت أوسع المقالات عالجت مبحثي القضية والقياس أي باري أرمنياس والتحليلات، واختتمت بفن عالج الحجج المموّهة المغالطية بما يقارب مبحث السفسطة. هذا كله جاء على صعيد الرسالة الأولى، أما الرسالة الثانية فهي عبارة عن هامش تضمن تعليقات وشروح كان الإمام "محمد عبده" (1266-1323هـ) قد دونها على كتاب البصائر الذي أفتن به لتذكيره واختصاره.هذا وقد حملت تعليقاته طابعين: الطابع الأول: الاعتناء التام بدلالات الألفاظ وشروحها العربية وأبعاد تلك الدلالات، مؤسساً اتجاهاً أولياً لإدراك أهمية المصطلح والعناية بحقل المعنى ودور الدلالة الذهني. الطابع الثاني: الشروح المنطقية بالأمثلة والتشابيه والتعليقات على المعاني المنطقية الواردة عند الساوي تقريباً لمسائل المنطق التقليدي لأذهان مسلمي القرن التاسع عشر بأمثلة قريبة من معارفهم وعلومهم. وإلى جانب هذين الطابعين لم يخل الشرح والتعليق من وضع مفاهيم على قدر كبير من التجديد.