"كان يا ما كان... وحطت أقدامنا أرض ملوك الأمريكان.. فتية آمنوا بشهب أميركا، وبأن فيها صروح الوئام، وضعوا أقدامهم ونفوسهم في مواطئ أقدامهم ترغيباً وترهيباً قائلين: ها قد قدمنا أي أميركا... وكانوا قد ازدادوا رهقا.. لما أحسوا بأنهم البلاد.. وفيها ما فيها من فقر وبطالة وعطالة تقطع لها الأكباد، وكان جدودهم من جايلوا الجدّ بدوي قد غاد...
قراءة الكل
"كان يا ما كان... وحطت أقدامنا أرض ملوك الأمريكان.. فتية آمنوا بشهب أميركا، وبأن فيها صروح الوئام، وضعوا أقدامهم ونفوسهم في مواطئ أقدامهم ترغيباً وترهيباً قائلين: ها قد قدمنا أي أميركا... وكانوا قد ازدادوا رهقا.. لما أحسوا بأنهم البلاد.. وفيها ما فيها من فقر وبطالة وعطالة تقطع لها الأكباد، وكان جدودهم من جايلوا الجدّ بدوي قد غادروا جيل المكامين، وهو جيل بأكمله لم يسجل في قوائم التنفس البتة، ذلك أنه جيل أخفي هرباً من درك الدولة العثمانية، في أقبية التهميش والدونية كمنوا وقد بلغت جراحاتهم وجراحات بلادهم النصاب، يدفعون الضرائب حتى للملح.. وعلى كواهلهم ديون أراضيهم، ضرائب تنتقل من جيل إلى جيل، أما التجنيد القسري فقد كان بالقرعة، وكانت القرعة تعني الموت المجاني المحقق.. وهم جيل مكامين رغم أنف صدور التنظيمات العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والتي حاولت أن تستجيب لتطور ملكية الأرض، ونظام الضرائب، والتعليم ووسائل الإنتاج، من مدائن صالح وحتى درعا، تبحث عن قارئ فلا تجد... وكان يا ما كان هون وهناك في هذه البلدان، حكام منعوا عن البلاد الضو، واستعمارات أمرت الناس أن تنام على العتمة.. يعلن منع التجول، يلف الجنود في الساحات والشوارع العامة في الليل، ليروا أية دار تعلق ضوءاً لتهدم على رؤوس أصحابها".عندما تنوء الأحزان بالمواطن، تخرج كلماته كعزف منفرد يقطر مرارة. من خلاله يحاول البوح، ومن خلاله يحاول أن يعبر عن حاله ومآله، يحوك القصة، أو القصة تأخذه في ثناياها ليصبح تشكلاً جديداً، فيتفوه بما لا يقال، ويصرخ بما هو ممنوع ولن يطاله سلطة، ولن يطاله مخبر، فهو خارج السرب، خارج التشكيلة، خارج الحدود.