المدرسة مؤسسة متخصصة أوجدها المجتمع لتربية النشء تربية شاملة في جميع الجوانب الاجتماعية، والعقلانية، والجسمية، والنفسية، بحيث لا يطغى منها جانب على الآخر حتى نخرج مواطنا صالحا ذا قيم ومهارات، واتجاهات متكاملة مرنة، قادرة على حل المشكلات التي تواجههم في حياتهم العملية. ويلعب المعلم دورا حاسما في هذه العملية، وتبرز أهمية دوره في ...
قراءة الكل
المدرسة مؤسسة متخصصة أوجدها المجتمع لتربية النشء تربية شاملة في جميع الجوانب الاجتماعية، والعقلانية، والجسمية، والنفسية، بحيث لا يطغى منها جانب على الآخر حتى نخرج مواطنا صالحا ذا قيم ومهارات، واتجاهات متكاملة مرنة، قادرة على حل المشكلات التي تواجههم في حياتهم العملية. ويلعب المعلم دورا حاسما في هذه العملية، وتبرز أهمية دوره في كونه متغيرا هاما في عملية التعلم، فهو الذي ينظم الظروف الخارجية للمتعلم، كي يحدث التفاعل المرغوب مع القابليات الداخلية له، من أجل تنمية هذه القابليات وتحفيزها لتعلم أفضل، وحتى يحقق المعلم ذلك، فلا بد له من أن يحقق عناصر الجودة النوعية في النظام التعليمي، وذلك بممارسة سلوك تربوي قويم وطرائق تدريسية فعالة، واستخدام أساليب تربوية حديثة، ومواد تعليمية، من شأنها التأثير في اتجاهات المتعلمين ومهاراتهم، وتنمية قدراتهم الإبداعية، بأن يتعلموا كيف يتعلمون وكيف يستمرون بالتعليم، في ضوء اتجاهات تربوية سليمة. إن المجتمع في حراك دائم، والتغيير يلف جوانب الحياة كلها، ويسير بوتائر متسارعة، وإنَّ ما يواجهنا من تحديات كبيرة، يصعب على أكثر الدراسات المستقبلية أحكاما وتفتحا أن تتوقع حجمها وتأثيرها، وهو ما يستوجب التصدي لها بوعي يرقى إلى مستوى هذه التحديات، فالمعلومات التي نتعامل معها تنمو بسرعة، والتكنولوجيا التي نعايشها أصبحت من مستلزمات العمل الناجح، والمعرفة العلمية وضرورة التعمق بها أصبحت مهمة، ولها تأثير أساسي على الإنتاج والعولمة، فقد أصبحت مسيطرة على الأبعاد الاقتصادية والسياسية والثقافية، والعالم أصبح قرية صغيرة، وسهولة الاتصال سهلت انتقال المعرفة، وعملت على تداخل الثقافات. ولكن من هو المعلم المتميز الذي يستطيع التعامل مع كل هذه التغيرات، ويستبصرها ويتنبأ بحالة المستقبل عن طريقها، إنه بالتأكيد ليس المعلم التقليدي الذي يعالج قضايا القرن الحادي والعشرين بإستراتيجيات القرن العشرين أو القرون الماضية، ويرضى بالعيش في أسفل السلم الاجتماعي، الذي يعتقد أن التمكن من المادة العلمية هو الطريق الأوحد والأمثل للتعامل مع المهمات الصعبة، الذي ينكر العولمة وتأثيرها المحسوس المتعاظم، وهو يؤمن بأن المعلومات جامدة أو بطيئة في تغيرها وتجددها، وأنها الوسيلة المضمونة لنقلها إلى أذهان الطلبة، ويرى أن الطالب الإيجابي هو المستمع الجيد ،المطيع، المنفذ بلا جدال. وهو كذلك يعتقد أن التكنولوجيا الحديثة بدعة يجب محاربتها، وأن الالتزام بالماضي بكل ما فيه أفضل من التغيير والتجديد، لما يسببانه من قلق وعدم راحة، إن من يؤيد مثل هذا النموذج من المعلمين، ليقوم بهذه المهمة العظيمة، هو منكر لذكائه، مهمل لأسس التفكير والإبداع. إذن من هو المعلم المتميز الذي نحتاج ؟ إنه ذلك الذي يستطيع تطوير استراتيجيات تمكنه من التعامل مع المستحدثات التكنولوجية، والاقتصادية والمعرفية، بحيث يستطيع توجيهها الوجهة الصحيحة، وهو يمتلك ثقافة أكاديمية عالية وإعداد تربوي مناسب، إنه قادر على تيسير عملية التعلم بما يوائم تفريد كل إنسان داخل المدرسة أو خارجها. إنه الباحث المهني صاحب المقدرة على التأمل في ممارساته بحيث يعمل وهو واع لما يعمل ويعرف لماذا اختار هذا العمل، ولديه المقدرة على تقييم العمل الذي يقوم به، القادر على إنتاج المعرفة، الأمر الذي يجعله باحثا إجرائيا يستطيع حصر المشكلات التي تواجهه في عمله، وتحديدها والبحث عن كيفية التغلب عليها وتجريب ما يفكر به في غرفة الصف. ذلك المعلم الذي يؤمن بالتميز قولا وعملا، ويسعى إلى تطوير ذاته وصقل قدراته، ساع إلى الإنتاج واع لجملة التطورات المختلفة في ميادين الحياة المختلفة، وحتى يحقق المعلم كل هذه المتطلبات، ما هو المناخ الذي يساعده على ذلك ؟، إنه مناخ فكري منفتح على بيئته ومجتمعه بكل ما يشمل عليه من أطر ثقافية، حضارية، مناخ يقوم على أساس مهارات الأخذ والعطاء والحوار. هل يستطيع كل معلم القيام بما سبق ؟ بالتأكيد لا وهنا فإن تحديد صفات ومميزات المعلم الناجح ومقومات النجاح لديه تساعد في التعرف عليه وتبني استراتيجيات ترفع كفاءته، ومن خلال خبرتي السابقة كمعلم لصفوف المرحلة الأولية ومدير مدرسة، ومشرفا تربويا للمرحلة الأولية، قمت بإعداد هذا الكتاب واضعا فيه جميع الخبرات السابقة التي ارتأيت بأنها ضرورية وهامة لمعلم الصفوف الثلاثة الأولى لعلها تنير دربه وتساعده في بداية عمله ليتخطى جميع العقبات التي قد تعتريه أثناء مسيرته التربوية آملا بأن يكون نبراسا يضيء ظلمته.