إن تشيني المولع بالبقاء وراء كواليس السلطة، كما كان يعبّر عنه عملاء الجهاز السري دائماً، حتى إنهم وصفوه ذات يوم بالمعقد الخلفي، يملك سيرة ذاتية تؤهله، وفق أي مقياس تقليدي، للرئاسة: فقد عمل مساعداً لثلاثة رؤساء، وكان أصغر رئيس لطاقم البيت الأبيض في التاريخ الأمريكي، وثاني أقوى عضو في حزبه في مجلس النواب، ووزيراً، ومديراً تنفيذياً...
قراءة الكل
إن تشيني المولع بالبقاء وراء كواليس السلطة، كما كان يعبّر عنه عملاء الجهاز السري دائماً، حتى إنهم وصفوه ذات يوم بالمعقد الخلفي، يملك سيرة ذاتية تؤهله، وفق أي مقياس تقليدي، للرئاسة: فقد عمل مساعداً لثلاثة رؤساء، وكان أصغر رئيس لطاقم البيت الأبيض في التاريخ الأمريكي، وثاني أقوى عضو في حزبه في مجلس النواب، ووزيراً، ومديراً تنفيذياً لأقوى شركة ذات ارتباطات سياسية. لكن ما جعل تشيني مُرضياً لكثير من الذين يملكون الحل والربط هو سجله الحافل بالولاء للرجال الذين لا يستحقونه، للسياسيين الذين لم يعملوا أبداً، ولأوهام الحكم العالمي، التي لم يكن يحملها سوى أولئك المصابين بجنون العظمة؛ وفي الوقت الذي بلغ فيه أواسط العمر، كان تشيني قد شهد شخصياً انهيار رئاسة جمهورية في عملية الاتهام بالتقصير والخيانة، والتي تمت حمايتها من ذلك المصير، وكان قد أدار حملة رئاسية لتضييق الهزيمة، وتعلّم ألاعيب تجنب ذلك المصير في المستقبل. وكان قد وجه البلاد نحو الحرب، وحول أرباح السلام، بعد الحرب الباردة، إلى مجمّع عسكري صناعي يستبدل الاحتواء والوفاق بحرب استباقية ونظام شرطي عالمي على نطاق لم يسبق له مثيل، وكان قد وضع الأساس لأفكار "التعاقد مع أمريكا"، تلك الأفكار التي يمكن أن تعيد رسم سياسات البلد الداخلية ليجري تسليمها بعدئذ إلى نيوت غنغريش لإكمال المشروع. كان ديك تشيني قريباً من السلطة لفترة طويلة جداً، حتى إنه كان يعرف مدافن جميع الجثث.