خلق الله عزّ وجلّ الإنسان، وكرَّمه، وسخّر له ما في السماوات والأرض، ثمَّ كلّقه بعمارة الأرض بالحسنى، بعد أن قدّر فيه القدرة على خلق أفعاله بنفسه، بما جعل فيه من عقل مدرك وسمع وبصر، وبين له طريق الخير وأمره بإتِّباعه وطريق الشر وأمره بإجتنابه، فكان الإنسان بذلك مبتلى مختاراً، ولكي لا يضلّ ويطغى فيشقى، بعد إعلان إبليس عداوته لآدم ...
قراءة الكل
خلق الله عزّ وجلّ الإنسان، وكرَّمه، وسخّر له ما في السماوات والأرض، ثمَّ كلّقه بعمارة الأرض بالحسنى، بعد أن قدّر فيه القدرة على خلق أفعاله بنفسه، بما جعل فيه من عقل مدرك وسمع وبصر، وبين له طريق الخير وأمره بإتِّباعه وطريق الشر وأمره بإجتنابه، فكان الإنسان بذلك مبتلى مختاراً، ولكي لا يضلّ ويطغى فيشقى، بعد إعلان إبليس عداوته لآدم ونسله، وأنَّه سيعمل على إضلاله وإشقائه بكلِّ السبل، فقد رحم الله تعالى الإنسان وأعانه، بأن أرسل إليه الأنبياء والرسل تترى، ليُعرِّفوه بخالقه ورازقه، فيعبده ويشكره على نعمه، وليذكّروه بعداوة الشياطين له، ويحذّروه منهم، ليحيى حياة طيّبة في الدنيا، فيكون سعيداً آمناً، وينال السعادة الأبدية في جنّات النعيم في الآخرة، وأنّ من يكفر بالله تعالى، أو يشرك به شيئاً، فسوف يدخل النار خالداً فيها أبداً.فإذا علمنا أنّ الله تعالى قد تجاوز لعباده المؤمنين عن صغائر الذنوب (اللمم)، وأنّه سوف يحاسب مرتكبي الكبائر منهم فحسب، فهل أنزل الله عزّ جلّ لجميع الكبائر، وهي كثيرة (أوصل بعض العلماء عددها إلى سبعين) حكماً واحداً؟ أم أنّه أنزل لكلّ نوعٍ منها حكماً خاصّاً به؟ وهو ما سوف يجيب عليه هذا الكتاب بالتفصيل بإجابة وافية، مدّعمة بالأدلة من الكتاب والسنّة.وقد جعل المؤلف عنوانه: "مرتكبو الكبائر والخلود في جهنّم" وقسمه إلى سبعة فصول بعد الإهداء والمقدّمة والتمهيد هي: الفصل الأول: تعريفات، عرض فيه تعريف: الفسوق،العصيان والمعصية، السيّئات، التوبة وخواتم، الفجور والفجّار، المسلم والمؤمن، محبطات الأعمال، الفوز والمفازة، التقوى والأتّقياء، النجاة من النار؛ أما الفصل الثاني: كتب الأعمال، وتوزيعها على الناس يوم القيامة، الفصل الثالث: الكبائر التي سيخلد مرتكبوها من المسلمين في النار، الفصل الرابع: الكبائر التي سيخرج مرتكبوها من النار بعد تعذيبهم فيها ويدخلون الجنة، الفصل الخامس: الشفاعة، والتعقيب على رأي رئيس جامعة الأزهر، الفصل السادس: الرّد على المعتزلة، وقولهم بالمنزلة بين المنزلتين، الفصل السابع: الرّد على الإباضيّة وقولهم بخلود مرتكب الكبيرة في النار، ثم أنهى كتابه بالخاتمة.