حضر موضوع الموت في شعر المتنبي حضوراً شاعرياً عميقاً يخترق حدود الزمن والنسبية مستبقاً حركات العصر الذي قدر له أن يعيشه؛ موقداً جذوة شعرية شديدة الاضطرام لتصبح قصائد أبي الطيب بؤرة نصية متجددة وخصبة تمتلك الكثير من اللمحات الحداثية المنفتحة على أكثر من قراءة وتأويل: «ندفنُ بعضنا بعضاً ويمشي.. أواخرنا على هامِ الأوالي» حيث يقتضي ...
قراءة الكل
حضر موضوع الموت في شعر المتنبي حضوراً شاعرياً عميقاً يخترق حدود الزمن والنسبية مستبقاً حركات العصر الذي قدر له أن يعيشه؛ موقداً جذوة شعرية شديدة الاضطرام لتصبح قصائد أبي الطيب بؤرة نصية متجددة وخصبة تمتلك الكثير من اللمحات الحداثية المنفتحة على أكثر من قراءة وتأويل: «ندفنُ بعضنا بعضاً ويمشي.. أواخرنا على هامِ الأوالي» حيث يقتضي البحث عن تجليات الموت في قصائد المتنبي دراسة الجانب الحيوي من وجودية الشاعر لاستجلاء مظاهر العدمية في نصوصه؛ ولهذا تذهب الباحثة الجزائرية بهاء بن نوار في كتابها «تجليات الموت في شعر المتنبي»، منشورات ( دار كنعان للدراسات والنشر- دمشق) باعتمادها منهجاً وصفياً تحليلياً يطمح إلى استقراء شفرات النص الداخلية عبر مقاربة إشاراته الجوهرية معولةً في ذلك على عوامل التناقض والافتراق داخل أشعار المتنبي؛ إضافةً إلى تجليات الموت الإنسانية المتجذرة في أعماق وجوديته اللافتة في تناول شؤون الدهر وتصاريفه: «وقفتَ وما في الموتِ شكٌّ لواقفٍ..كأنكَ في جفن الردّى وهو نائمُ» من هنا تتبدى مجابهة «مالئ الدنيا وشاغل الناس» مع مصيره الأخير من خلال تجارب الموت المختلفة التي مر بها بدءاً من أيام سجنه على يد «لؤلؤ» أمير حمص التي كادت تتلفه وتقضي على همته بعد اتهامه بادعاء النبوة في بادية السماوة، وانتهاءً بإشارات الهلاك المختلفة التي صادفته بعد هروبه من مصر بعد أن ضاق ذرعاً بكافور، ومن أعداء ناقمين وعيون حاقدة متربصة به، وذلك بعد ما لاقاه من مواقف موت وعدم وبما شهده من حروب روميةٍ طويلة مع سيف الدولة بحلب وما عاناه مع هذا الأخير من محاولات اغتيال كثيرة تعرض لها بعد فتور علاقته مع أمير بني حمدان، فضلاً عن الحمى المريرة التي اعترته أثناء إقامته في مصر، وكادت تقضي عليه: «وقد فارق الناسُ الأحبةُ قبلنا..