هذا "كتاب الكتّاب" تأليف "أبي محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه"، قال أبو محمد: هذا كتاب كنا ألفناه في خلافة أمير المؤمنين المعتضد بالله تأليفاً مختصراً تنقض أبوابه وتقصر فصوله عما أحدثه لنا الرأي من إيضاح خفيه وإتمام جليه، والإنتقال عن واهي قول إلى قويه؛ وبثثناه بالعراق وغيره، ثم تعقبناه بما وصفنا وغيرنا منه بعض ما ألفنا، فمن جم...
قراءة الكل
هذا "كتاب الكتّاب" تأليف "أبي محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه"، قال أبو محمد: هذا كتاب كنا ألفناه في خلافة أمير المؤمنين المعتضد بالله تأليفاً مختصراً تنقض أبوابه وتقصر فصوله عما أحدثه لنا الرأي من إيضاح خفيه وإتمام جليه، والإنتقال عن واهي قول إلى قويه؛ وبثثناه بالعراق وغيره، ثم تعقبناه بما وصفنا وغيرنا منه بعض ما ألفنا، فمن جمعهما وتأمل الإختلاف منهما فيعلم سبب تصنيفهما، والغرض من تأليفهما ليعذر على الخلاف فيهما، ونأمن إنتحال مدعيهما.وهو "كتاب الكتاب" الجاري بين الخاصة والعامة في كتب علومهم وآدابهم ومراسلاتهم الذي لا يستغني متأدب عن معرفته ولا يجمل بذي مروءة جهله وفيه إختلاف بين العلماء، فمنهم المقتفي فيه خط المصحف والمكتفي بما نشأ عليه، والقايس إن مصيباً وإن مخطئاً.وقد ألف كل امرئ منهم في ذلك كتاباً على رأيه فاخترنا من مذاهبهم جميعاً ما وافق النظر وأوجبه قياس النحو وبينا فيه مواضع الزلل من غير أن ننص إلى عالم زلته أو ننعي عليه عثرته، وسميناه "كتاب الكتّاب" إذ كان قصدنا فيه لما يكتب تهج وقراءة دون غيره، ولأن الهجاء يلحق الكلام غير المكتوب أيضاً، وأن الخط قد يكون تصويراً أو نقشاً ولم ننسبه إلى الكتابة لأنها صناعة الكاتب وهي تجمع أسباباً غير الكتاب.ووجدنا كتاب الله عزّ وجلّ لا يقاس هجاؤه ولا يخالف خطه، ولكنه يتلقى بالقبول على ما أودع المصحف، ورأيت العروض إنما هو إحصاء ما لفظ به من ساكن ومتحرك وليس يلحقه غلط ولا فيه إختلاف بين أحد، فلم نعرض لذكرهما في كتابنا هذا.اعلم أن الكتاب ربما يكتبون الكلمة على لفظها وعلى معناها ويحذفون منها ما هو فيها ويثبتون فيها ما ليس منها ويبدلون الحرف من الحرف ويصلون الكلمة بأخرى لا تتصل بها ويفصلون بين أمثالها ويختزلون عامة صور الحروف إكتفاء بالطائفة منها ولا ينقطون ولا يشكلون إلا ما أُلبس، يحاولون بكل ذلك ضرباً من القياس يذكر في موضعه إن شاء الله.ويشتمل على جميع وجوه تلك سليمة وسقيمة إثنا عشر باباً ينقسم كل باب منها فصولاً (مبينة في أبوابها مميزة من أمثالها عدتها مائة وثلاثة عشر فصلاً مع ما أُلحق بها، وليس منها، وقد شرحنا كل باب منها على إنفراده وفسرنا كل فصل على حياله وأصبحنا ذلك من البيان ما تيسر، ومن الإيجاز ما أمكن، وبدأنا بذكر ترجمة كل باب وفصل منه ليقف من نظر في أوله على الغرض من آخره، ويعلم من أراد منه شيئاً أين يجده وفي أية يلتمسه فيقرب عليه المأخذ ويتسهل له المطلب.