لقد اختلفت مشارب النقاد، وتباينت مذاهبهم في تحديد المناهج النقدية لشرح النصوص، وتأويلها، وإيجاد أنجع الأساليب في التعامل مع الظاهرة الأدبية، وقد كان البحث عن قصدية مؤلف النص الهاجس المركزي عند الدارسين؛ والمتأمل في تناول بعض شّراح النص الأدبي قديماً وحديثاً يلحظ أن الإحتكام إلى العوامل التاريخية والآراء الخارجية عن النص، كان يشك...
قراءة الكل
لقد اختلفت مشارب النقاد، وتباينت مذاهبهم في تحديد المناهج النقدية لشرح النصوص، وتأويلها، وإيجاد أنجع الأساليب في التعامل مع الظاهرة الأدبية، وقد كان البحث عن قصدية مؤلف النص الهاجس المركزي عند الدارسين؛ والمتأمل في تناول بعض شّراح النص الأدبي قديماً وحديثاً يلحظ أن الإحتكام إلى العوامل التاريخية والآراء الخارجية عن النص، كان يشكل إنشغالهم المحوري، مما أدى بهم إلى طريق مسدود، لعدم إستنادهم، في إستنباطاتهم، إلى حقائق النص ومكوناته اللغوية، ومن ثم سيطرت عليهم القراءة النموذجية النمطية الجاهرة التي تحمل في عمقها طابع العمومية، والتاريخ، والمعطى الثابت.ووفق هذا المنظور جاء تقسيم هذا البحث إلى مدخل وأربعة فصول، مع مقدمة وخاتمة، ينطلق المدخل من فرضية حضور المتلقي في التراث ووظيفته في التقنين للظاهرة الأدبية، ومحاولة ربط ذلك بالسياق الجمالي والبلاغي لشعرية التلقي، حيث عالج المؤلف ملامح التلقي في التراث النقدي العربي من خلال السلطة الذوقية القائمة أساساً على بلاغة التلقي، معايير التلقي، ومراتب التلقي.أما الفصل الأول، فقد تناول فيه نظرية التلقي في الفكر الغربي، حيث ناقش بوادر التلقي من الإرهاص إلى التأصيل، واقفاً على المؤثرات التي هيأت للفكر الغربي أرضية استيطيقية امتدت من البدايات الأرسطية، كما عالج أنماط التلقي كما تطرحها تحديات النقد الأمريكي، والنقد الفرنسي، لتدخل بذلك نظرية التلقي في نظرية أشمل، هي نظرية الإتصال؛ وبين الشعريات النصية وشعريات الإستقبال، يطور النقد الغربي أنظمة من التلقيات تنوعت بين السيميائيات، والتفكيكية، والهرمينيوطيقا، ولذة النص، ونظرية التلقي.وجاء الفصل الثاني ليعالج معضلة التلقي في نقد الشعر العربي وتساءل من خلاله عما إذا كان الناقد العربي قد أضاف إلى الجهود الغربية من تأمله وتراثه، ومدى معرفة إمكانية التقاطعات والإنعطافات التي أحدثها في قراءة النص الشعري؛ ولكي يقف على المستوى التطبيقي للتحليل التأويلي في الشعر العربي، وناقش المؤلف في الفصل الثالث المقاربات التأويلية للنص الشعتري القديم، من حيث كون النص بنية ثابتة لا تتعدد بذاتها، وإنما تختلف بشأنها التفسيرات، وتتنوع المسارات التأملية؛ وقد حاول إثبات وجهة نظره من خلال عرض بعض التأويلات المتعلقة بالنص القديم، وإنتقادها بإعتماد أسلوب شبه موازن بين التفاسير.كما ناقش في الفصل الرابع أحادية النص وإختلاف القراءات التأويلية، وذلك بغرض الوقوف على التجارب التطبيقية التي لامست النص الشعري المعاصر من زوايا مختلفة، وبأساليب متنوعة، وبأدوات وإجراءات تحليلية متباينة، ولعل في هذا التباين بخصوص النص الشعري المعاصر، وظواهره الفنية، ومضامينه الحضارية ما يعلل ضرورة البحث في قضايا التأويل الأدبي.