الكتاب من تحقيق بن عيسى باطاهر.كتاب "الإيجاز" الذي سعى فيه العلوي إلى اختصار الطراز، هو كتاب متكامل الأجزاء، أحسن ترتيبًا وتبويبًا من الطراز، وأقرب مادةً ومنهجًا إلى كتب البلاغيين المتأخِّرين، وفيه عناية واضحة بتهذيب المسائل البلاغية وتيسيرها، ودراسة المصطلحات وتحديدها، وشرح النصوص الأدبية وتحليلها.وفي هذا الكتاب محاولات جادة لل...
قراءة الكل
الكتاب من تحقيق بن عيسى باطاهر.كتاب "الإيجاز" الذي سعى فيه العلوي إلى اختصار الطراز، هو كتاب متكامل الأجزاء، أحسن ترتيبًا وتبويبًا من الطراز، وأقرب مادةً ومنهجًا إلى كتب البلاغيين المتأخِّرين، وفيه عناية واضحة بتهذيب المسائل البلاغية وتيسيرها، ودراسة المصطلحات وتحديدها، وشرح النصوص الأدبية وتحليلها.وفي هذا الكتاب محاولات جادة للعلوي لتقديم درس بلاغي واضح المعالم، يكون أيسر تناولاً من كتاب "الطراز" في معرفة القواعد البلاغية والأسرار القرآنية، وعونًا للدارس على إدراك سرّ الإعجاز في القرآن الكريم.ويبدو أنّ فكرة إعجاز القرآن التي كان لعبد القاهر الجرجاني الفضل في بيانها، وتأسيس نظرياتٍ وقواعدَ بلاغية تساعد على فهمها، كانت أحد الأسباب في تأليف كتابه الطراز، فقد أبدى العلوي إعجابه بعبد القاهر، وبيّن فضله في تأسيس البلاغة العربية، واعتمد على أفكاره وتحليلاته، وكان منهجه قريبًا من منهجه في كثير من المسائل، كما أنّ اعتماد العلوي على مصادرَ أخرى معنيةٍ بالإعجاز القرآني مثل: نهاية الإيجاز للرازي، والتبيان في علوم البيان لابن الزملكاني، جعل من فكرة الإعجاز فكرة أساسية طاغية على الطراز في أبوابه وفصوله المتنوّعة، كما استفاد العلوي كثيرًا من اطّلاعه على كتاب المثل السائر لابن الأثير، فسعى إلى التنويع في الأمثلة والشواهد البلاغية، ومحاولة شرحها وتحليلها لتذوّق مواطن الجمال فيها، الأمر الذي خفّف من النزعة الكلامية الواضحة في بعض المسائل.وأمّا كتاب الإيجاز فهو عودةٌ متأنّية إلى علوم البلاغة كما عهدناها عند السكاكيّ في مفتاحه، والقزويني في تلخيصه وإيضاحه، ومع أنّ فكرة الإعجاز ظلّت مهيمنةً على تفكير العلوي، إلاّ أنّه استطاع التعامل مع علوم البلاغة الثلاثة: المعاني، والبيان، والبديع بمنهج البلاغيين، مستعينا بطريقته الخاصّة الساعية إلى الجمع بين ضبط المسائل وحصرها بالحدود اللائقة، وتيسير القواعد وتهذيبها بالشروح والتحليلات الواضحة.ومن سمات منهج العلوي في هذا الكتاب الجمع بين معطيات المدرسة الأدبية التي يمثّلها ابن الأثير، والمدرسة الكلامية التي يمثّلها السّكاكيّ، ولعلّ من ملامح الاتجاه الأدبي ما امتازت به كتاباته من وفرة في النصوص الأدبية المتنوّعة، وما كان يظهر في سياقاتها من شرحٍ لقواعد البلاغة، وبيان لمبادئ هذا العلم ومصطلحاته، وأمّا ملامح المدرسة الكلامية فتتمثّل في تقسيماته الكثيرة، وفي تحليلاته ومناقشاته المستفيضة، واستخدام المنطق في تعريف المصطلحات البلاغية. وكتابة العلوي في كثير من المواطن هي كتابةُ أديب متذوّق يضع يَدَكَ على مواضع الحسن، وينبّهك على عناصر الجمال والكمال في التعبير الأدبي.