فن العلم وسياساته

يقدّم الكتاب فرصة نادرة للقارئ العربي لكي يعرف الإجابة عن سؤال مؤرق: كيف ينتج الغرب العلوم الحديثة؟ وتأتي الإجابة على هذا السؤال بطريقة شائقة وعلمية في آن معاً، إذ يقدم الكتاب تجربة حياة لعالِم شديد الشهرة، هو هارولد فارمُس، والذي فاز بجائزة نوبل عام 1989بالمشاركة مع زميل عمره مايكل بيشوب عن اكتشاف "الجين – النواة المسرطن"،كما ترأّس المؤسسة الأهم في بحوث الطب عالمياً "المعاهد الوطنية" التي تعتبر أضخم مؤسسة لبحوث البيولوجيا عالمياً بتكليف من الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، لامتلاكه حساسية الفنان ومهارات القائد السياسي ليساهم في البحوث وفي صنع سياسات العلم، فدخل عالَم السياسة بقوة، ثم انتقل إلى إدارة "مركز سلون كاترينغ التذكاري للسرطان" وفي 2010 كلفه الرئيس باراك أوباما بإدارة "المعهد الوطني الأمريكي للسرطان".ولكن هذا العالِم لم يكن سوى صبي ذكي من الجيل الثاني لعائلة عادية من الأقليات المهاجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي تتبع مسار تحوّل الصبي عالِماً فذاً، يرسم الكتاب صورة فوّارة للمؤسسة التعليمية والأكاديمية في الولايات المتحدة، وطريقة تعاملها مع تفتح ذكاء الأفراد، وكيفية التقاطتها للطلاب والدارسين أصحاب الذكاء والإرادة، وإعطائهم الفرص والوسائل كي يصبحوا علماء وباحثين، ينتجون علماً أصيلاً يساهم في دفع المجتمعات والدول في مسار التقدّم.ويتضمن الكتاب قصة شائقة عن تفاصيل صراع ضخم يدور في قلب الولايات المتحدة في القرن الواحد والعشرين بين أنصار مصالح الشركات العملاقة واحتكاراتها، وبين من يناضلون من أجل نشر العلوم والمعارف، وكسر احتكار المعرفة، ووضع العِلم في أيدي شعوب الأرض الساعية إلى الخروج من التخلف والانطلاق في تنمية حقيقية مرتكزة إلى العلم والمعرفة.