الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي شرع لنا الإسلام ديناً كاملاً لا لبس فيه ولا سوء، أتمه ورضيه لعباده دستورا ومنهاجاً،والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، وعلى آله وصحبه الصالحين الصابرين الصادقين، ومن سار على درب الصبر والتحدي بإحسان إلى يوم الدين. وبعد..إن الحياة قائمة على الإبتلاء، فلابد لأصحاب الدعوات النابعة من قلب ...
قراءة الكل
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي شرع لنا الإسلام ديناً كاملاً لا لبس فيه ولا سوء، أتمه ورضيه لعباده دستورا ومنهاجاً،والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، وعلى آله وصحبه الصالحين الصابرين الصادقين، ومن سار على درب الصبر والتحدي بإحسان إلى يوم الدين. وبعد..إن الحياة قائمة على الإبتلاء، فلابد لأصحاب الدعوات النابعة من قلب واقعهم، ومن براءة فهمهم لدينهم، وواجبهم الوطني المقدس أن يتعرفوا إلى طبيعة عملهم وكفاحهم وجهادهم، وعقبات الطريق المتعددة، والتي يشكل السجن أحد أهم ألوانها وصورها على امتداد التاريخ. ومن واقع المعاناة والأسر، ومن معايشة فترة الاعتقال، رأيت بعد إستشارة أساتذتنا الأسرى الأفاضل أن أكتب في بحث ودراسة تتصل بالواقع الفلسطيني الذي يعيشه شعبنا الصابر، بما يتوافق مع أبجديات الفهم للواقع وطبيعة الصراع، غير متناسٍ للآفات التي تفترس كل من لمعت لديه فكرة الكتابة في مسائل مماثلة. لذلك اخترت موضوعاً علمياً واقعيًا، أتناول فيه العمل الإداري داخل السجون والمعتقلات الصهيونية، والأنظمة واللوائح الإدارية التي ينتهجها القائمون على العمل الاعتقالي، ومدى نجاعتها وفعاليتها، لأسلط الضوء على المفاهيم الإدارية، وفهم تطبيقها في المجتمع الصغير الذي يتمثل في المعتقل. ولأن المعتقل مرحلة تاريخية عاشها الشعب الفلسطيني الصامد على مدى فترات خَبِرَها وقادها شعبنا الفلسطيني، ولأن الشباب الفلسطيني عاش هذه الحياة بكل ما فيها من ألم ومرارة وصبر ومصابرة، أحببت أن أضع هذه القضية الحساسة تحت المجهر ليتم التركيز على النظام الإداري القائم داخل المعتقلات الصهيونية، وبيان كيفية التطوير الذاتي، لتحديد نقاط القوة والضعف فيه، معززاً النقاط الإيجابية، وواضعاً دائرة على سلبيات العمل الإداري داخل السجون والمعتقلات ليتم تلافيها من قبل أصحاب الخبرة والشأن. وبكل فخر، فإني أضع هذه التجربة العلمية وأخط حروف هذا البحث وكلماته تحت إشراف مجتمع مصغر من الأحبة، هذا المجتمع المختص المكلوم، الذي ما بخل علي بالنصح والإرشاد، والذي أبدى تأييده لخطة البحث التمهيدية التي وضعتها وعرضتها عليه فله مني كل التقدير والإحترام. وقبل أن أخوض في هذا البحث أحب أن أقر بحقيقة واضحة، وهي أني حاولت جاهدا أن أضع مقارنة واضحة بين التصور الإداري السليم للعمل المنظم بهيكليات العمل الإداري في الحياة، وبين الحالات القائمة داخل السجون الصهيونية، ومدى التوافق والأختلاف بين هذه وتلك. وختاماً، فإني قد رأيت الكثير يسأل عن واقع السجون، وكثير من الناس يعرفون مصطلحات لا يدركون كنهها، وكثير عاش مرحلة الأاسر دون أن يوثق ويؤرشف للتاريخ وللأجيال القادمة، فأحببت أن أجيب وأوضح، وأسجل وأثبت، وأن أكون سباقاً إلى بيان مظاهر العزة والأنفة لدى المعتقل الفلسطيني الصابر وهو يحدق في عيون سجانه بكل كبرياء وشموخ. أسال الله تعإلى السداد وسلامة التصور، وعدم ضياع الجهود، فإن وفقت فمن الله وبفضله، وإن أخطأت فمن نفسي وعليها.