بعد نحو ثلث قرن على كتابتها، تمكّن موسى العلي من إصدار روايته الأولى «الانتزاع» (دار الفارابي). أمضى عمراً في السجون، ووضع «رحلة العذاب»، التي باتت «الانتزاع». من داخل السجن إلى داخل الحياة، بدا النصّ سيرة أمكنة الروح والجسد والعقل والانفعال، في لحظات الشدّة والتحرّر من وطأة القلق والخوف. من ريف حماه حيث وُلد، إلى منابع «أدب الس...
قراءة الكل
بعد نحو ثلث قرن على كتابتها، تمكّن موسى العلي من إصدار روايته الأولى «الانتزاع» (دار الفارابي). أمضى عمراً في السجون، ووضع «رحلة العذاب»، التي باتت «الانتزاع». من داخل السجن إلى داخل الحياة، بدا النصّ سيرة أمكنة الروح والجسد والعقل والانفعال، في لحظات الشدّة والتحرّر من وطأة القلق والخوف. من ريف حماه حيث وُلد، إلى منابع «أدب السجون»، وضع موسى العلي شيئاً من ذاته في قصّة الألم والخراب والرغبة في الانعتاق منهما أيضاً.تابعت السيارة صعودها بين نباح الكلاب المحتجة، وصرخات الحراس الجامدة إلى أن توقفت بصرخة حارس آخر أمام السجن الكبير. بعد تداول الإجراءات ترجل ناصر من السيارة.قبل أن يبتلعه ظلام السجن ألقى نظرة شاملة من الساحة المطلة على المدينة النائمة. كانت أضواؤها تشكل هالة مخروطية هائلة، شُحبت أطرافها متداخلة مع ظلام الليل العميق الذي ضاعت فيه حدود الضوء، كأنّ الظلام ازدرده خوفاً من إشعاعه المنير، أو كأنما النور قبل هذا النفاذ الناعس عبر الظلام الحالك يغذيه ينبوع ضياء لا ينضب ليحيل الكون كله إلى ضياء "إن الله نور السموات والأرض". صرَّ باب الحديد على مفاصل متألمة، فغر شدقاً بشعاً ليزدرد ضحية جديدة من ضحاياه التي اعتاد طعمها فألفه وأحبه، معلناً انتهاء مهمة الملازم...