لإبن حزم الأندلسي مؤلفات عديدة في القياس تنطلق من نظرية شاملة في المعرفة، توصل من خلال كليات المعرفة عنده إلى القول بالقياس المنطقي، دون القياس الأصولي، حيث استخدم الأول في هدم الثاني.ومن المعلوم أن السلف الصالح جميعهم اتفقوا على ذمّ الرأي والقياس المخالف للكتاب والسّنة، وأنه لا يحلّ العمل به، لا فُتياً ولا قضاءً، وأن الرأي الذي...
قراءة الكل
لإبن حزم الأندلسي مؤلفات عديدة في القياس تنطلق من نظرية شاملة في المعرفة، توصل من خلال كليات المعرفة عنده إلى القول بالقياس المنطقي، دون القياس الأصولي، حيث استخدم الأول في هدم الثاني.ومن المعلوم أن السلف الصالح جميعهم اتفقوا على ذمّ الرأي والقياس المخالف للكتاب والسّنة، وأنه لا يحلّ العمل به، لا فُتياً ولا قضاءً، وأن الرأي الذي لا يُعلم مخالفته للكتاب والسّنة، ولا موافقته، فغايته أن يسوغ العمل به عند الحاجة إليه، من غير إلزامٍ، ولا إنكارٍ على من خالفه.يشرح هذا الكتاب نظرة إبن حزم للرأي والقياس والتعليل في كتابه الشهير "الصادع في الرد على من قال بالقياس والرأي والتقليد والإستحسان والتعليل" وقد ساقها المحقق في معرض تقديمه لهذا الكتاب في ثلاثة فصول: وضع الفصل الأول تحت عنوان "نظرة إبن حزم للرأي والقياس والتعليل، دراسة تحليلية تقويمية" ذكر فيه ما اعتقده في الرأي والقياس، وأنه أنواع، منه الصحيح ومنه الباطل، وأن الصحابة استخدموه من غير إلزام، مبيّناً خطأ المثبتين والنّافين، ومركزاً كثيراً على منطلق إبن حزم في نفيه، ومبيّناً الفرق عنده بين القياس الأصولي والقياس المنطقي، ولماذا قَبِل الثاني دون الأول، وعمل على إبراز أدلة إبن حزم في ذلك كله، وبيان ردود العلماء ومآخذهم عليه: جملةً (بذكر أسماء المصنفات في الردّ عليه في القياس والرأي والإستحسان خاصة)، وتفصيلاً (بذكر أدلّته وطريقة نزعه وبيان أصوله وقواعده في الإستدلال، مع بَسط القول في عوارها – إن وجد – ومحاكمة العلماء له في ذلك) مع الإعتناء بكلام خصمه وعصريّه أبي الوليد الباجي، فهو الذي ناكفه وعانده، وجرت بينه وبين إبن حزم مناظرات، يلقي الكتاب ضوءاً عليها.أما الفصل الثاني فجاء بعنوان: "مصاد المصنّف وموارده في الكتاب" وذكر تحته المحقق أسماء المصنفات المذكورة في الكتاب، وابتدأ بكتب إبن حزم، ثم ما صرح باسمه من كتب أهل العلم، ثم ما ساق بسنده إلى صاحب تصنيف مشهور ... ثم ختم الفصل بذكر تراجم شيوخه الذين روى عنهم في هذا الكتاب – أي الصادع – وبين ما روي من طريقهم، وما وقع له بإسناده إليهم، وربط أول المذكور فيه بآخره، وخرج بفوائد تخصّ علاقة أي شيخ من المذكورين في الكتاب بابن حزم، وطريقة الأخذ عنه، ومتى كان ذلك.ويأتي الفصل الثالث والأخير في "التعريف بالكتاب" وبدأ بالتعريف بموضوع الكتاب، ثم بحصر كتب إبن حزم في إبطال القياس والرأي والتقليد، والتعريف بكل منها وبيان علاقة بعضها ببعض، وذكر فيه تزييف نسبة "ملخص إبطال القياس" المطبوع لإبن حزم، ومؤاخذاته عليه بمقابلة ما فيه حرفاً بحرف بأصله الخطّي – الذي هو بخط الإمام الذهبي _ ثم حدد موقع هذا الكتاب – نسخة التحقيق – هذه منها، مع بيان تأريخ تأليف إبن حزم له، وباعثه على ذلك، وطريقة عرضه وترتيبه لمادة الكتاب والأدلّة، وميزات الكتاب وحسناته وأثره، وأخيراً توصيف للنسخ الخطية المعتمدة في التحقيق، وطريقة العمل بها ...هذا الكتاب عمل هام أزاح الستار عن منهج معرفي متكامل لإبن حزم، في نظرته للرأي والقياس والتعليل، وفلسفته في ذلك، يدرء سوء الفهم، وقصور الإحاطة عن هذا المذهب وأصوله وهو ما يحسب لمحقق العمل أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان ...