يتمتع الشخص بحريته في الخضوع لالتزام تعاقدي، وعند قبوله الدخول في التزام معين فإنه سيخضع له طيلة مدة نفاذه عندما لا يتعارض محل الالتزام مع الآداب العامة أو النظام العام. ولكن كيف يكفل مثل هذا الارتباط التعاقدي بعدم مواجهة المتعاقد لاحقاً لالتزامات خارج نطاق ما تم الاتفاق عليه بادئ الأمر؟ كيف سيحاول أن يحتاج مسبقاً للظروف الجديدة...
قراءة الكل
يتمتع الشخص بحريته في الخضوع لالتزام تعاقدي، وعند قبوله الدخول في التزام معين فإنه سيخضع له طيلة مدة نفاذه عندما لا يتعارض محل الالتزام مع الآداب العامة أو النظام العام. ولكن كيف يكفل مثل هذا الارتباط التعاقدي بعدم مواجهة المتعاقد لاحقاً لالتزامات خارج نطاق ما تم الاتفاق عليه بادئ الأمر؟ كيف سيحاول أن يحتاج مسبقاً للظروف الجديدة التي قد تظهر مستقبلاً، وكيف يضمن احترام الطرف الآخر لال0تزاماته التعاقدية وما هي العقوبات التي يمكن تطبيقها أو التعويض الذي سيتقرر عند أي إخلال بهذه الالتزامات؟ هذه بعض الأسئلة التي يمكن طرحها عند التهيؤ للدخول في التزام تعاقدي، لذا فإن المفاوضات العقدية يجب أن تسمح لكل طرف بالإسهام في طرح مثل هذه الاستفسارات. إن الواقع يشير إلى أن المبادئ التي تحكم العقود الملزمة للطرفين والتي يتقرر بموجبها التزامات متبادلة لكل طرف تجاه الطرف الآخر، تقضي بتمتع كل منهما في ممارسة الضغوط تجاه الآخر مع قدرة الاختيار للحلول التي تبدو مناسبة أكثر لكل منهما، لذا فإن كل طرف عليه التعرف الدقيق على نطاق حريته تجاه الاختيار وكذلك الصعوبات التي يمكن مواجهتها خلال تنفيذ الشروط العقدية. من هذا المنطلق، فإن على الأطراف المتفاوضين ضمن الخطوة الأولى القيام بإحصاء الصعوبات المتعلقة بإبرام العقد وتنفيذه، نتيجة لظروف مختلفة سياسية، فنية، مالية، قانونية... الخ، وكذلك الضغوط التي يمكن أن يمارسها الطرف المفاوض من خلال ما يتمتع به من قدرة الخيار بين عدد من الحلول بحيث يجري وضع الشروط التعاقدية الأكثر ملاءمة له، وهذا مما يكفل معه تعرف الأطراف على نطاق التزاماتهم التعاقدية المتبادلة بشكل يقلل إلى حد كبير من مواجهة الأخطار والصعوبات لاحقاً لا سيما عندما يتطلب تنفيذ الشروط التعاقدية مدة طويلة من الزمن. إن جميع الأنظمة القانونية تعترف بحرية الأطراف في اختيار الشروط التعاقدية، ووضع العقوبات العقدية تجاه الإخلال بالالتزامات. لذا فإن الهدف الرئيسي للمفاوضات يرمي إلى إيجاد حالة التوافق بين هذه القوى المتعارضة في المراحل الأولى منها من خلال قبولهم بالالتزامات التي يضعونها من قبلهم. إن هذا المؤلف يذهب إلى تحليل المشكلات الأساسية التي يمكن أن تظهر خلال مراحل المفاوضات أو تنفيذ الشروط العقدية ذات الصفة الدولية في ميدان التعهدات، التوريد، الهندسة المدنية، الخدمات.