مرة أخرى يقتحم محمد المزيني المحظور بقوة وشفافية قل نظيرها، يقتحمه بكل ما يملك من وعي وحب لوسط ينتمي إليه ويغار عليه.إنه يقتحم مجتمع يدار (من قبل رجال الدين بعفوية الشريعة) التي لا تقبل المساومة. يقتحم حواجز (الهالات السوداء) كما يقولن ويدك هذه البنية التحتية الهشة التي ما زالت باقية من دون دستور تتأرجح على شعارات مثل (الخصوصية ...
قراءة الكل
مرة أخرى يقتحم محمد المزيني المحظور بقوة وشفافية قل نظيرها، يقتحمه بكل ما يملك من وعي وحب لوسط ينتمي إليه ويغار عليه.إنه يقتحم مجتمع يدار (من قبل رجال الدين بعفوية الشريعة) التي لا تقبل المساومة. يقتحم حواجز (الهالات السوداء) كما يقولن ويدك هذه البنية التحتية الهشة التي ما زالت باقية من دون دستور تتأرجح على شعارات مثل (الخصوصية الاجتماعية) أو (عدالة الشريعة المطلقة)...!لقد وضع ولع المزيني بالقراءة العالم حوله على المحك، بدأ كل شيء في حلقة من حلقات العمل الصحوي الإسلامي حيث سمح له ما لا يسمح عادة للآخرين، فاطلع على أقطاب الحركة ومؤلفاتها واتجاهاتها ودواخلها وأسرارها.ومن كرسي الداعية الثابت الراسخ الرزين إلى فضاء الصحفي الذي لا أرض له حيث الفكر المحلق خارج سربه والتوق للمعرفة بشتى أنواعها التي تنضب والمنفلتة من أطر الدين والعرق وحتى اللغة.في هذا الفضاء بقي المزيني سابحاً إلى أن هزت المنطقة حرب الخليج الثانية، فتحرك قلمه بعد أن تحرك فيه هذا الحالم التواق للحرية وللإنسان الطبيعي السوي، فاقتنع أن البناء لا يمكن أن يكون إلا باعتماد سياسة (الأرض المحروقة) كما يقول، لقد أعلن حرباً على تراكمات التاريخ الفاسدة والفكر الذي لم يقدم إلا ثقافة الترقيع والتستر على الخطأ.أما الحب، هبة الله الأولى لأبنائه وعونه لهم على العيش في عالم من الانقلابات الغريبة، فقد تم تشويهه هو الآخر انطلاقاً من معادلة (الذئب والشاة) حيث ترك الذئب يسرح ويمرح على هواه، بينما أوصد على الشاة الأبواب وحجبت عنه وتحول الحب إلى مصيدة، فخ، مطاردة، شبق مكبوت أي شيء ما عدا تفاعل روحين وتطلعهما إلى أفق واحد نظيف.في مجتمع لا تسير فيه المرأة والرجل بدأ بيد خوفاً من أن يحرك المس (نداوة الجنس المنبعثة من راحة اليد)، هو مجتمع من الصعب جداً أن يرى فيه الحب من خلال طاقته الإبداعية المجتمعية النظيفة، ومن المستحيل التصديق أنه في أساس البنية التحتية لأي مجموعة بشرية مهما كانت صغيرة.في رواية (عرق بلدي) يتحدث المزيني عن الحب في شكله الأكثر تشوهاً من خلال نساء يقبعن وراء خرقهن المقدسة، بينما يعتمل في القلب كل ما حرمت منه العين. إنها حكاية مجتمع يدين (اللقاء) ويرى فيه شبح الشيطان الرجيم، بينما يتحايل أفراده على كل شيء ممكن لكي يزيحوا صخرة التحريم ا لواجمة على صدورهم. مع ذلك، وجدت المجتمعات الحرة الأخرى الوقت والجهد لكي تؤلف جيوشاً جرارة وتغزونا. إنها مجتمعات لم تنهكها مفاتن المرأة أو تعبث في أهدافها، صحيح أن لها مشاكلها التي تنبع من خصوصيتها تماماً مثل مشاكلنا الخاصة التي تنبع من خصوصيتنا، لكن الفرق يكمن في النتائج وطريقة الاقتراب من هذه الدنيا.عرق بدلي هي رواية (الزمن السعودي الصعب)، زمن الصراع بين قيم النفط والشريعة الإسلامية، زمن الهزات الكبرى حيث المجتمع مغزو الآن بأكثر الفضائيات انفتاحاً وحرية وحتى تطرفاً، زمن طريق اللاعودة حيث الجيل الجديد قد بدأ بطرح أسئلة أكثر عمقاً ومنطقاً من اجتهادات الغيورين على الوطن، زمن التجاذب بين إرث بدأت رائحة عفنه تغم الأجواء وتوق لا محدود للتطلع خلف الأسوار... زمن المتنورين العاشقين لأرضهم ولكن بأكثر الطرق نبلاً ونظافة، زمن النساء اللواتي جننهن التعليم وغدون مشاكسات، غير محتملات أمام رجال ما زالوا يتطلعون إليهن بنظرة بدوي خائف أعزل.