ما يزال للقبيلة، في تجلياتها المختلفة، حضور مكثف في الواقع الموريتاني المعيش.و من هذا المنطلق جاء اختيار دراسة وتحقيق نصوص فقهية لفقهاء مختلفين من حيث انتماؤهم القبلي وحيزهم الجغرافي و فتراتهم الزمنية في منطقة تعد أحد الملاذات الأخيرة لنظام الحياة البدوي التقليدي، مؤسساً من الناحية النظرية و منتجاً على مستوى المنهج لا سيما وأن ه...
قراءة الكل
ما يزال للقبيلة، في تجلياتها المختلفة، حضور مكثف في الواقع الموريتاني المعيش.و من هذا المنطلق جاء اختيار دراسة وتحقيق نصوص فقهية لفقهاء مختلفين من حيث انتماؤهم القبلي وحيزهم الجغرافي و فتراتهم الزمنية في منطقة تعد أحد الملاذات الأخيرة لنظام الحياة البدوي التقليدي، مؤسساً من الناحية النظرية و منتجاً على مستوى المنهج لا سيما وأن هذه المنطقة الواقعة في غرب الصحراء الكبرى، تعتبر أفقاً قصياً عند أصحاب النظرة المركزية التي طبعت الإنتاج المتداول من ثقافات ومعارف العرب طيلة الفترة اللاحقة على ما تعورف عليه بعصر النهضة. فسكان هذه المنطقة اندمجوا منذ العهد المرابطي في الفضاء العربي الإسلامي ومنذئذ أصبحوا جزءاً من الوطن العربي/الإسلامي في الدين والوجهة والهوية واللغة.هذا التصور هو الذي جعلنا نختار هذه المنطقة بالذات دون غيرها مجالاً لمعاينة القبيلة فحياة البداوة وشح موارد العيش المتاحة والتسبب السياسي الطاغي، كلها عوامل طبعت بنية هذا المجتمع على مدى تاريخه المعروف، وميزته عن غيره من مجتمعات الحواضر الإسلامية التي أنتجت الفقه، ووسمته بخصوصيتها البادية؛ونظراً إلى أن التوثيق كان من شأن الفقهاء، فقد تضمن الكتاب فتاوى تتعرض لكيفية معاقبة القاتل المتعمد، وطبيعة العاقلة التي تتحمل دية الخطأ، و تقسيم الدية بين أفراد القبيلة أو التحالف القبلي، لما للفتاوى والنوازل من شأن في الحياة العلمية و الرمزية عند المسلمين و لما تحمله هذه النصوص من معلومات