التعليق الصبيح على مشكاة المصابيح

مشكاة المصابيح كتاب ألفه الشيخ التقي ولي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب العمري التبريزي، من أعيان المائة الثامنة، كملّ به كتاب المصابيح وذيل أبوابه، فذكر الصحابي الذي أخرجه، وزاد على كل باب من صحاحه وحسانه وسماه مشكاة المصابيح، فصار كتاباً حافلاً، وشرحه العلامة حسن بن محمد الطيبي المتوفي سنة 743هــ وسماه الكاشف عن حقائق السنن، والعلامة الطيبي هو شيخ صاحب المشكاة وأستاذه، وكان هو السبب الباعث على تأليف المشكاة.وفيما ذكره في ذلك قوله: "استشرت الأخ في الدين... ولي الدين محمد بن عبد الله الخطيب بجمع أصل من الأحاديث المصطفوية على صاحبها أفضل التحية والسلام، فاتفق رأينا على تكملة المصابيح وتهذيبه وتشذيبه، وتعيين روايته ونسبة الأحاديث إلى الأيمة المتقنين - فما قصّر فيما أشرت إليه من جمعه... فلما فرغ سمرت عن ساق الجدّ في شرح مفصله وحلّ مشكله وتلخيص عويصه، وإبراز نكاته ولطفه على ما يستدعيه غرائب اللغة والنحو، ويقتضيه علم المعاني والبيان، بعد تتبع الكتب المنسوبة إلى الأئمة رضي الله عنهم.. وسميته بالكاشف عن حقائق السنن...هذا ولما كان كتاب مشكاة المصابيح للشيخ ولي الدين محمد بن عبد الله الخطيب العربي التبريزي أجمع كتاب في الأحاديث النبوية قام بشرحه الشيخ محمد أدريس الكاندهكوي بطلب من شيخه محمد أنور، فشرع بهذا العمل مستعيناً بالله سبحانه وتعالى، فعمد إلى شرح الأحاديث، وإبراز نكاتها ولطائفها، وبيان أسرارها ومعارفها، وكشف حقائقها، ووقائعها على ما يقتضيه علم البيان، وذلك بعد تتبع كتب العلماء الراسخين المعروفين بهذا الشأن.وكان جلّ إعتماده في شرحه هذا وكما ذكر، على شرح المصابيح المسمى بالميسر للشيخ شهاب الدين فضل الله بن حسين التوربشتي الحنفي، وهو شرح لطيف اشتمل على فوائد حسان، ومعان لم يسبقها أحد إليها؛ بالإضافة إلى ذلك اعتمد الشيخ الكاندهلوي في كتابه هذا على شرح المشكاة المسمى بالكاشف عن حقائق السنن المحمدية، للمحدث الجليل الحسين بن عبد الله بن محمد الطيبي الشافعي الذين بين مؤلف حقائق السنة ودقائقها وأبرز لطائفها ومعارفها، وكشف أسرارها وغوامضها.كما اعتمد صاحب هذا التعليق على مشكاة المصابيح، وذلك في ضبط كلمات الحديث ووجوه الإعراب وذكر إختلاف النسخ على كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمحدث الجليل الشيخ نور الدين علي بن سلطان محمد الهروي القاري الذي عمل فيه على ضبط الألفاظ مع المباني، والبحث عن الروايات مع المعاني، جمع فيه جميع الشروح والحواشي، ولم يغادر فيها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.ويذكر الشيخ الكاندهلوي أنه قام بالإغتراف في تعليقه هذا من ذاك الشرح، وقام بتوشيح أبواب كتابه هذا بالآيات الكريمة لتكون مصابيح للمهتدين ليعلموا مصداق الأحاديث في كتاب الله تعالى المبين، سالكاً في المسائل الخلافية مسلك الأنصاف، سالكاً مسلكاً وسطاً بين الأطناب والإيجاز وسماه "التعليق الصحيح على مشكاة المصابيح".