هذه إضاءاتٌ هاديةٌ، أقدِّمُها بَيْنَ يديِّ هذا البحث، لتوضيحِ بعض الجوانب فيه، تتعلقُ بالأمورِ التالية:أ- الدوافعُ الكامنةُ وراءَ اختياري للبحث في هذا الموضوع:إن فلسطين أرض العُلَمَاء، فَكَمْ مِنْ عالمٍ وُلِدَ عَلَى ثراها، أو ترعرع في أزقتها، أو زارها، أو دُفن فيها، ومن المعلوم أن فِلَسْطِين من أزخر البلاد الْإِسْلَامية بالعُلَم...
قراءة الكل
هذه إضاءاتٌ هاديةٌ، أقدِّمُها بَيْنَ يديِّ هذا البحث، لتوضيحِ بعض الجوانب فيه، تتعلقُ بالأمورِ التالية:أ- الدوافعُ الكامنةُ وراءَ اختياري للبحث في هذا الموضوع:إن فلسطين أرض العُلَمَاء، فَكَمْ مِنْ عالمٍ وُلِدَ عَلَى ثراها، أو ترعرع في أزقتها، أو زارها، أو دُفن فيها، ومن المعلوم أن فِلَسْطِين من أزخر البلاد الْإِسْلَامية بالعُلَمَاء الَّذِينَ ملأوا طباق الأرض علماً، واستنار بعلمهم الكثير.تكتسب الأرض المباركة فِلَسْطِين ميزة تاريخيَّة ذات معنى ومبنى لدى أهل العلم وفقهاء الشريعة، وذلك عَلَى مرِّ العصور وكرِّ الدهور، فلقد كان أهل العلم يفخرون بما وصلت له الديار المَقْدِسية من رخاء علمي قام عَلَى سواعد العُلَمَاء المقادسة وغيرهم، الَّذِينَ عاشوا في كنفها وتفيئوا ظلالها، حتَّى نشروا علمهم بَيْنَ النَّاس وخصوا به طلابهم بروح تأصيليَّة وخبرة منهجيَّة مبنية عَلَى أسس علميَّة سليمة.بيد أنَّ فِلَسْطِين قد عرفت قديماً بأنَّها مثوى الأنبياء، وسكنى صحابة أجلاء، ومهوى أفئدة طلبة العلم النجباء، ومنها خرج العُلَمَاء الفضلاء، الَّذِينَ كان لهم دور في إحداث نهضة تغييريَّة علمية حضارية في القرون الهجرية الماضية...ولن ينسى القارئ لتاريخ الحركة العلميَّة في فِلَسْطِين، أُولَئِكَالعُلَمَاء الفطاحل الَّذِينَ ولدوا في فِلَسْطِين المباركة وَكَانَ لهم نسب طويل يمتد عبر السنين الطويلة بارتباط وجودهم بهذه الأرض المباركة الطيبة، وقد شهد لهم التاريخ بل سجَّل لهم شهادة بسعة علمهم وعمق فقههم وعلو مكانتهم، فمنهم التابعي الجليل رجاء بن حيوة، ت: (112) والإِمَام الشَّافِعِيّ، ت: (204) والإِمَام الطبراني، ت: (360) والحَافِظ عَبِد الغني المَقْدِسي، ت: (600) والإِمَام الفقيه ابن قدامة، ت: (620) والإِمَام المُحَدِّث ابن عَبِد الهادي، ت: (744) والإِمَام ابن مفلح الحنبلي، ت: (763) والإِمَام ابن حجر العَسْقَلاَنِيّ، ت: (852) والعالم الفقيه المرداوي، ت: (885) والفقيه الحنبلي موسى الحجاوي، ت: (895)، والإِمَام السَّفاريني، ت: (1188) وغيرهم كثير رحمة الله عَلَى الجميع رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جنَّاته.هؤلاء العُلَمَاء الَّذِينَ ما فتؤوا يعلمون النَّاس دينهم، ويوضحون لهم أصول الشريعة، ومقاصد هذا الدين العظيم، وقد علت شهرتُهم الآفاق، ووصلت للناس مدوناتهم ومصنفاتهم ومتونهم العلمية، وكتبهم المطوَّلة، حيث برعوا في فنون العلم من عقيدة وتوحيد، وعلوم قرآن، إضافةإِلَى السنة وعلومها، والفقه وأصوله، والتأريخ والسِّير والتراجم والمعاجم وغيرها فرحمة الله عليهم، وأنالهم الرضوان والثواب.فشرعْتُ بجمع الأمر وتحرير تليده وطارفه وكشف مسْتغلقه وخافيه وأجَلْتُ دقائقَ النَّظر وأطلْتُ سوانح الفِكْر فعنَتْ لي دلائلُ وبراهين لا يجهلها من له أنسة بعلوم الشَّرْع، فرأيت حقاً عليَّ أنْ أبحثَ هذا الموضوعَ وأشمِّرَ له عن ذراعي رغم قِصَرِ باعي وقلَّة اطلاعي مستمداً العون من الله المتعال.ب- منهجُ البحثِ وطريقة السير في معالمِ الرسالةِ:وضعْتُ نصب عيني للبحث منهجاً أُوجز أركانَهُ، وأفنِّدُ دعائمَهُ في النقاط التالية: عُنِيتُ بذكر الأعلام من المصادرِ الأصليِّةِ، ووشيْتُ البحثَ بحواشٍ كان من أبرزِ استعمالاتها: توثيق النقول.ج- خطةُ البحثِ:وقد رتبت التراجم وسلسلتها حسب الوجود الزمني لأصحابها كما رتبت التراجم ترتيبا. فأذكر اسم المترجم ونَسَبُهُ وتاريخ مولده وبلده وشيوخه وتلامذته. وآثاره الفكرية ومؤلفاته. وبعضا من أخباره التي ترتاح بقراءته النفس ويبتهج القلب. خاتما بذكر تاريخ موته ومكانه من غير تقصير مخل ولا تطويل ممل. مشيرا في الاخيرإِلَى المراجع التي يمكن لمن أراد التوسع أَنْ يرجع إليها للاستزادة من الفوائد والمعلومات.