يعد الاتصال بين الناس حجر الزاوية الذي قامت عليه المجتمعات البشرية، ومن خلاله نشأت وتطورت صيغ التفاعل الإنساني وعليه ارتكزت أسس البناء الحضاري للإنسان، فإذا ما اقتصرت أشكاله البدائية على صيغ محدودة من الرموز الصورية والصوتية فإن الأشكال المتقدمة له تضمنت صيغاً متطورة من الرموز والأنظمة والعلاقات اللغوية مما جعلها تضع الحضارة الإ...
قراءة الكل
يعد الاتصال بين الناس حجر الزاوية الذي قامت عليه المجتمعات البشرية، ومن خلاله نشأت وتطورت صيغ التفاعل الإنساني وعليه ارتكزت أسس البناء الحضاري للإنسان، فإذا ما اقتصرت أشكاله البدائية على صيغ محدودة من الرموز الصورية والصوتية فإن الأشكال المتقدمة له تضمنت صيغاً متطورة من الرموز والأنظمة والعلاقات اللغوية مما جعلها تضع الحضارة الإنسانية على أعتاب رقيها، إذ عبرها تلاقحت وتفاعلت الأفكار والصور الذهنية بين أفراد المجتمعات البشرية، فتوالدت وتكاثرت لتكون ذلك التراث الفكري والثقافي الكبير لبني الإنسان، الذي قامت عليه تلك الحضارات الإنسانية، وما كان لهذا الإنجاز الإنساني الكبير ان يحصل لولا امتلاك الانسان لفن أو طريقة (الحوار) في التواصل الحضاري، ذلك لان (الحوار) يعد اكبر أشكال اللغة تأثيراً واكثرها شيوعاً وايسرها تداولاً، كذلك يعد من اهم وسائل التعبير والتفاهم الانساني، فمن خلاله تتكون الروابط الفكرية والاجتماعية والثقافية والوجدانية بين افراد المجتمع، كما يعد احد اهم عناصر التماسك الاجتماعي لاسهامه في تحقيق التجانس الثقافي والعقائدي بين الناس ومن هنا تأتي أهمية دراسته لمعرفة مفهومه وانواعه واساليبه واشكاله ووظائفه والستراتيجية او الآلية التي يسير وفقها. ولقد احتل (الحوار) مساحة كبيرة في الإعلام ودخل في معظم الفنون الصحفية سواء على صعيد الإعلام المكتوب او السمعي او المرئي. ولأهمية التلفزيون وتميزه عن باقي وسائل الاتصال الجماهيرية الأخرى بما يؤديه من وظائف تمنحه تفرداً وتميزاً ولإمكاناته الكبيرة في نقل الصوت والصورة والحركة وانتشاره وشعبيته وإشاعة برامجه وطبيعة جمهوره المتنوع في الثقافة والأعمار والجنس ومن مختلف المستويات المعاشية والاجتماعية ولبروز ظاهرة القنوات الفضائية التلفزيونية التي أصبحت تشكل مساحة واسعة من خارطة الإعلام العالمي والعربي والدور الكبير التي تؤديه بالانتشار والتعرف على خفايا وتنوعات المشهد العالمي تظهر أهمية هذا الكتاب ودوره في دعم المكتبة الاتصالية بدراسة عن (فن الحوار) والذي تفتقر اليه على الرغم من ان البرامجيات التي تعتمد (لغة الحوار) أصبحت تشكل ظاهرة وعلامة فارقة في الاعلام المرئي العالمي عموماً والعربي خصوصاً. إذ ان رجال الاتصال غالباً ما يضعون الخطط اللازمة في أجراء الحوارات لتحقيق الأهداف الاتصالية، اخذين بنظر الاعتبار تصورات عن رجع الصدى من الطرف الاخر. ويعد الاتصال المواجهي – وجهاً لوجه – الذي يقوم ما بين الصحفي الذي يمثل المشاهدين والضيف أهم أشكال الاتصال وابعدها تأثيراً في النفس البشرية لما ينطوي عليه من إمكانيات في الإفصاح عن جميع الإشارات والإيماءات والرموز التي تحملها الرسائل المتبادلة بين طرفي الاتصال، ويعد (الحوار) أحد أهم صيغ الاتصال المواجهي لإمكانيته اللفظية وغير اللفظية في تحديد المعاني وتوسيع مساحة انتقالها بين طرفي الاتصال.