لورنس في بلاد العرب

كانت مقاطعة غالوي، الواقعة على الساحل الغربي لإيرلندا هي الموطن الأصلي لأسرة لورنس. ويمكن أن يكون هذا سبباً ولو جزئياً لقوته الجسدية غير العادية وقدرته البدنية على التحفل، إذ أن سكان غالوي هم من بين أقوى السلالات شدة. ولكن دماء إسكتلندية وويلزية، وإنجليزية، وإسبانية تجري في شرابينه أيضاً. فقد كان بين أسلافه وأجداده المشهورين السيد روبرت لورنس، الذي رافق ريتشارد قلب الأسد إلى الأرض المقدسة، قبل أكثر من سبعمائة وثلاثين سنة وبرز في حصار عكا، تماماً كما فعل الشاب لورنس عندما رافق النبي إلى الأرض المقدسة وبرز في تحريرها النهائي. كما كان كل من الأخوين، السيد هنري والسيد جون لورنس، وهما من الرواد الأوائل للإمبراطورية البريطانية في الهند من أجداده القريبين. وكان والده توماس لورنس من أصحاب الأملاك في إيرلندا ورياضياًَ كبيراً، إلا أنه فقد معظم أملاكه خلال فترة جلادستون، عندما إنخفضت أسعار الأراضي في إيرلنده إلى أدنى مستوى، فسافر بأسرته عبر البحر الإيرلندي إلى ويلزر، وولد ثوماس إدوارد لورنس في مقاطعة كازنافون، التي لا تبعد كثيراً عن الموطن المبكر لرئيس وزراء بريطانيا 1916-1922، لويد جورج، والذي كان يوماً ما من أصدقائه الحميمين والمعجبين به، والذي كان يعتبر لونس أنه واحداً من أروع الأشخاص في العصور الحديثة. لقد أمضى خمس سنوات من طفولته في جزيرة قناة جيرسي. وعندما بلغ العاشرة من عمره هاجرت أسرته إلى شمال إسكتدلندا، وبقيت هناك لمدة ثلاث سنوات، ومن ثم إنتقلت إلى فرنسا، حيث سجل لورنس الإبن في كلية الجزوتي. ومن هناك إنتقلت العائلة إلى إكسفورد، وقد ترك ذلك المركز الثقافي الإنكليزي، الذي أصبح موطنهم منذ ذلك الحين، أثره الذي لا يمشي على لورنس. وهناك أطلق عليه أصدقاء صباه نيد وسجل بمدرسة إكسفورد العليا ودرس بإشراف معلم تحضيري تمهيداً لدخول الجامعة. ويروي أحد الأصدقاء الحميمين أن لورنس كانت لديه روح جريئة وكان مليئاً بحب المغامرة. إن حياته كلها كانت غير منتظمة بل وشاذة، فقد قضى معظمها كرجل قبيلة شرس يعيش في الصحراء العربية، إلا أنه من جانب آخر أتم إنجاز ما هو مطلوب منه من فروض السنوات الأربع لنيل درجة البكالوريوس في ثلاث سنوات فقط. وكموضوع لأطروحتة في جامعة أكسفورد فقد إختار موضوع فن الأسلوب العسكري للصليبين، وإستوعبه تماماً وإستخدمه في مهمته أو في عمله هذا. ولهذا الغرض فقد حث والديه من أجل السماح له بزيارة الشرق الأدبي، بحيث يمكنه الحصول على معرفة أولى للجهود الهندسية الحربية لفرسان المسيحية الأوائل. وقد شجع في هذا المجال من قبل عالم جامعة إكسفورد المتميز والمختص بالشؤون العربية الدكتور ديفيد جورج هوغارت أمين متحف أشمولين، وهو رجل كان له تأثير هام على مجمل حياة لورنس بدءاً من تلك الايام حتى أنه ذهب إلى مصر خلال الحرب وعمل معه كمستشار خاص خلال الحرب في الجزيرة العربية. وبالتأكيد فإن القدر قد لعب مع لورنس أكثر مما إختار. أفران هذا الرجل خريج جامعة أكسفرد الذي كان يلعب دوراً رئيسياً في تحرير البلاد العربية، كان طموحه في الحياة أن يحفر في خرائب الآثار وأن يكتشف ويدرس تاريخ المدن المنسية منذ زمن طويل. وهناك الكثير حول هذه الشخصية الغامضة لورنس كما أن هناك شخصيات سياسية متميزة وفترة تاريخية زخرت بأحداث هامة على الصعيدين الإجتماعي والسياسي إرتبطت بإسمه، يحاول لويل ثوماس سرده والكشف عن الغامض فيها من خلال هذا الكتاب الذي زخر بالعديد من المشاهدات التاريخية والسياسية المرتبطة بلورنس في بلاد العرب.