"على الإنسان أن يبحث دائماً عن روحه الحقيقية ويندمج فيها" هذا ما أرادت أن تقوله الروائية السورية "لمى إسماعيل" في هذا الجنس الأدبي الذي نبشت فيه العوالم الداخلية لشخصوص روايتها "على حافة الصمت" هذا الصمت الداخلي بأبعاده الحقيقية البعيدة عن تأثير الآخرين فعندما يدرك الإنسان "أن هنالك فارقاً في الإجابة على سؤالين: من هو؟ وماذا أرا...
قراءة الكل
"على الإنسان أن يبحث دائماً عن روحه الحقيقية ويندمج فيها" هذا ما أرادت أن تقوله الروائية السورية "لمى إسماعيل" في هذا الجنس الأدبي الذي نبشت فيه العوالم الداخلية لشخصوص روايتها "على حافة الصمت" هذا الصمت الداخلي بأبعاده الحقيقية البعيدة عن تأثير الآخرين فعندما يدرك الإنسان "أن هنالك فارقاً في الإجابة على سؤالين: من هو؟ وماذا أراده الآخرون ان يكون؟ هم أرادوه تكملة لعائلته لجدة وأبيه، أي أن يكون زعيماً قوياً ونائباً يحتفظ بإسم العائلة مع الزمن".هذا ما يحدث به ذاته بطل الرواية "عمران" سليل عائلة الحسب والنسب الجميع يريد منه التحول إلى كائن آخر، خصوصاً عندما يسأله من حوله ماذا ستصبح؟ لدرجة أنه سأل والده يوماً: هل أنا مجبر على أن أصبح؟" ألا يمكنني فقط "أكون"؟.في هذا العمل، تضعنا الروائية أمام ثنائيات متعددة: الحياة والموت، الفقر والغنى، الأنا والآخر، الواقع والحلم، فكانت ذات الأدبية تبوح بما لم تستطيع شخوص روايتها البوح به حتى لأنفسهم، تحدثت عن إرتحالات ذواتهم، جسدت من خلالهم عالمين متناقضين واقعاً وفكراً عالم (غربي النهر) ويقطنة "عمران مراد" وعائلته الفنية، و(شرقي النهر) ويقطنه تيسير وبسطاء الناس.ومن خلال هذه الثنائية قدمت الأدبية بكثير من الواقعية قراءتها النقدية لعلاقة الذات مع الآخر، ومع عالمها الداخلي برمزية مبطنة، وقدرة على إيقاظ معان إنسانية سامية عبرت بها عن حال الواقع الشاخص بقسوة، وبين أحلام الناس المستترة التي لا يمكنهم حتى البوح بها فأجادت هي بالتعبير عنهم.وهنا نرى تيسير "ينظر إلى النهر في إرتياب... ينحاز إلى الجزء الغربي فيمنحه الفن والوفرة، ويرمي إلى الجزء الشرقي بالفقر واليباس، ولا يتوزع أن يتحول أحياناً إلى إله وثني جشع، يرفض قربان الجزء الغربي بتعفف، ويلتهم أطفالاً صغاراً يلعبون على ضفته الشرقية، فيبتلعهم في لحظة، في غفلة عين، ويمضي في هدوء متجاهلاً عويل الأمهات المذهولات؛ الفقر من حوله يخنقه، يضغط على جسده مثل بذلة غطس مطاطية سوداء، أحاطت به منذ الأزل ولا يعرف سبيلاً للخلاص منها، الشيء الوحيد الذي يبقيه على قيد الحياة، هو تلك القصص التي يكتبها...".رواية ممتعة وهادفة في آن، غنية بأحداثها وبتنوع شخصياتها، وبعواطفها وإنفعالاتها، نكتشف فيها الكثير من المعاني السامية حين نبحر في عالمها.